كمين للأخوين جمال بارافي وعبد الله الصبان
في هذه الأوضاع المتأزمة وأثناء الاستنفارات الشديدة حدثت عدة أخطاء أدت إلى استشهاد ثلاثة من إخواننا رحمهم الله تعالى ففي تاريخ 7 / 9 / 1981 قامت قوة من عناصر المخابرات التابعة للمجرم ناصيف بنصب كمين للأخوين جمال بارافي وعبد الله الصبان أمام مدخل سوق الحميدية إثر اعتراف شقيق الأخ جمال على مكان وزمان اللقاء المزمع عقده وعند وصول الأخوين إلى المكان المحدد الساعة العاشرة صباحا حاول المجرمون القبض عليهما بدفع عدد كبير من العناصر المموهة وسط الزحام الطبيعي في المنطقة ولكن انتباه الأخوين وشدة حذرهما منعا المجرمين من تحقيق أهدافهم إذ تمكنا من استخدام أسلحتهم بشكل سريع أدى إلى قتل وجرح العديد من المجرمين .
وحين شعر المجرمون بقدرة الأخوين على الانسحاب والتخلص من الكمين بدءوا بإطلاق النار بشكل عشوائي كثيف فأصابوا عشرة من المارة قتل عدد منهم كما قتل أحد أصحاب المحال التجارية وقتلوا امرأة من المارة أيضا واستطاع الأخ جمال بارافي أن يفجر نفسه بعد أن أصيب بعدة طلقات واستشهد الأخ عبد الله الصبان برصاص المجرمين .
الأخ جمال بارافي مواليد ـ دمشق ـ الأكراد ـ 1956 ـ طالب سنة رابعة في كلية الهندسة الكهربائية انتسب إلى الجماعات الإسلامية منذ نعومة أظفاره وتربى في كنفها فكانت نشأته نشأة دينية صالحة أهلته كي يصبح من العناصر الإسلامية النشطة في حي الأكراد .
انتسب إلى تنظيم الطليعة المقاتلة عام 1980 ولوحق من قبل السلطة في أواخر عام 1980 ساهم بالعديد من عمليات الطليعة المقاتلة في مدينة دمشق وقد تحلى الأخ جمال بالعديد من الصفات الحسنة فكان طيب النفس حسن العشرة قوي القلب مثالا للجرأة والإقدام لا يهاب الموت إضافة إلى تمتعه بثقافة عالية وقوة بدنية جيدة وقد تسلم إمرة عدة مجموعات في التنظيم الجهادي , رحم الله أخانا الشهيد وأسكنه فسيح جنانه .
الأخ عبد الله الصبان مواليد ـ دمشق ـ مزرعة ـ 1956 ـ طالب سنة رابعة كلية طب الأسنان نشأ وتربى ضمن الجماعات الإسلامية منذ حداثة سنه فكان لذلك الأثر الواضح في صفاته التي تمتع بها فكان جريئا مقداما قوي القلب عالي الثقافة لوحق من قبل السلطة في أواخر عام 1980 وساهم بالعديد من عمليات الطليعة المقاتلة في مدينة دمشق عرف عنه هو والأخ جمال متانة جسديهما بفضل ممارستهما لرياضة الجيدو العنيفة فترة طويلة من الزمن , رحم الله شهيدينا البطلين وأسكنهما فسيح جنانه .
تم نقل الجسدين الطاهرين إلى فرع المجرم ناصيف الذي كان يمني نفسه بالقبض عليهما أحياء وقد أصيب بخيبة الأمل بعد استشهادهما في هذه الفترة الحرجة وقد روي عن المجرم ناصيف وعن حقارته هو وضباطه ما يندى له الجبين فقد أقام حفل سكر وعربدة على جسدي الأخوين الطاهرين فعرهما من ثيابهما وبدءوا يشربون الخمر ويسكبونه عليهما كما فعلوا من قبل بجثة الشهيد البطل النقيب إبراهيم اليوسف وجثة البطل الشهيد أحمد زين العابدين التي نقلت إلى جبال النصيرية للقيام بطقوسهم القذرة .
رحم الله شهداءنا الأبرار الذين لن تضرهم هلوسات الحاقدين وإجرامهم ونحن بإذن الله سوف نبدد أحلامهم حين يصحون من سكرهم على صوت الانفجار الثالث الذي سيهز دمشق هزا عنيفا .
إشتباك مع الأخ عبد الرزاق الخضري
وبتاريخ 13 / 9 / 1981 بينما كان الأخ عبد الرزاق الخضري يسير مع أحد الإخوة في منطقة السويقة إذ سمع حديثه أحد المخبرين المتواجدين في المنطقة فتابعه وبلغ أجزة المخابرات عن شأنه وعلى الفور طوقت المنطقة بأعداد كبيرة من عناصر المخابرات فاشتبك معهم الأخ عبد الرزاق وتمكن من قتل عنصر وجرح آخر وحين أحس بعدم قدرته على الانسحاب نزع مسمار الأمان لقنبلة يدوية كانت على خصره وصعدت الروح الطاهرة نحو بارئها .
رحم الله شهيدنا عبد الرزاق وأسكنه فسيح جنانه .
الأخ عبد الرزاق الخضري : مواليد ـ دمشق ـ ميدان ـ 1957طالب سنة ثانية في كلية العلوم ( ر . ف ) نشأ في بيئة إسلامية وترعرع في صفوف الإخوان المسلمين منذ صغره فحفظ أجزاء كثيرة من القرآن الكريم ونهل من منابع الثقافة الإسلامية فكان داعية إلى الله بمنطقة سكناه إذ تسلم إدارة المسجد المجاور لمنزله فأشرف على توجيه عدة مجموعات فيه وقد تمتع بعدة صفات حسنة منها تواضعه لإخوانه وتسامحه معهم وابتعاده عن الهزل وعدم التكلم إلا في مواطن الجد هذا وقد انتسب إلى تنظيم الطليعة المقاتلة عام 1980 حيث لوحق في أوائل عام 1981 من قبل السلطة وكان استشهاده في منطقة السويقة .
رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنانه …… آمين .
اتصال المجرم رفعت أسد ببعض العلماء
نعود الآن لنبين الموقف الحاصل إثر استشهاد الإخوة الثلاثة إذ بلغ اليأس مداه لدى أركان السلطة لأنهم لم يتركوا وسيلة من الوسائل لمنع حدوث العملية الثالثة وأصبحوا على يقين تام من حصولها ولكنهم جهلوا الهدف الذي ستتوجه إليه هذه المرة وكان المجرمون في كل جهاز من أجهزة السلطة يتوقعون أن يطولهم الانفجار الثالث وحاول المجرم أسد اللجوء إلى أسلوب جديد في التعامل مع المجاهدين لإيقاف هذه العمليات فأرسل شقيقه المجرم رفعت للاتصال ببعض علماء ومشايخ مدينة دمشق في حي الميدان وقد جاء إليهم المجرم رفعت على خلاف العادة فقد كانوا يستدعون إلى القصر الجمهوري حيث يسمعهم المجرم أسد تهديداته وتبجحاته ولكن في هذه المرة حضر المجرم رفعت بنفسه وملأت عناصر مرافقته المنطقة وبمنتهى اللطف والأدب طلب منهم التوسط لدى المجاهدين لإيقاف العمليات الاستشهادية وأعطاهم وعودا كاذبة للإفراج عن المعتقلين مقابل ذلك وبدأ العلماء بنشر الخبر بين الناس الذي وصل سريعا إلى قيادة المجاهدين التي لم تلق له بالا فهي تعلم غدر المجرم أسد وشقيقه العاهر رفعت وكان الرفض المطلق لهذا العرض لعدة أسباب :
1 ـ لم تلجأ السلطة إلى هذا العرض إلا بعد أن استنفذت كل وسائلها الإجرامية من إرهاب وانتقام وضغط على الشعب الأعزل حتى تصل إلى طرف خيط يدل على المجاهدين وبعد أن ظهر عجزها التام عن فعل أي شيء قامت بهذه الخطوة لكسب الوقت الكافي للتفكير في وسائل جديدة للإيقاع بالمجاهدين وهذا ما أثبته تحرك المخابرات الهائل وتكثيف جهودهم للوصول إلى مجاهدينا وكأني بالمجرم أسد يحاول تطبيق خطة غراسياني لكسب الوقت ضد شيخ المجاهدين عمر المختار رحمه الله .
2 ـ إننا نعتقد بأن السلطة قد أعدمت أو حكمت بالإعدام كل السجناء من شباب الإخوان المسلمين ومن المستحيل أن تقوم السلطة بالإفراج عنهم أما بقية السجناء فهم من الذين أخذوا كرهائن للضغط على المجاهدين وبالتالي فإن على السلطة إطلاق سراحهم دون قيد أو شرط .
3 ـ إن استمرار هذه العمليات الجبارة سوف يهز النظام من قواعده الأساسية وسيؤدي إلى حصول حالة من الفوضى والتشتت في صفوف أجهزة السلطة المختلفة ينتج عنها انشقاقات مختلفة وتناحرات فيما بينها هذا الوضع الذي سيصل إليه الظلام لا بد أن يعيق مخططاته الإجرامية وأن يحد من نشاطه المعادي للمسلمين وهذا ما حصل بالفعل ولكن إرادة الله شاءت أن تتوقف مسيرة هذه العمليات قبل أن تحقق غايتها أو تقطف ثمارها بالكامل وذلك لعدة أسباب أهمها : المجزرة الكبرى التي ارتكبتها السلطة الطائفية المجرمة في مدينة حماة مما دعانا إلى تغيير خططنا بشكل يتناسب مع الواقع الجديد
جريمة نزع الحجاب
كان مرور الوقت يزيد مخاوف السلطة من حدوث العملية الثالثة فبعد أسبوعين لوحظ هيجان السلطة الكبير وتوترها من خلال زيادة احتياطاتها الأمنية لمواجهة العملية الثالثة إزاء هذا الوضع أخرنا العملية لكسب الوقت ولإحضار المزيد من العتاد والسلاح وتوزيعه على قواعدنا بشكل سري دقيق وكانت حركة الإخوة تتسم بالدقة والحذر فلم تتمكن السلطة من كشف أحد من مجاهدينا والحمدلله , ولما طال انتظار السلطة القاتل دون حصول أي شيء تفتقت عبقرية مجرميها عن عملية خسيسة اتصفت بالحقارة والوقاحة وعبرت عن دناءة مدبريها أفضل تعبير ألا وهي جريمة نزع الحجاب عن رؤوس النساء المسلمات .
بعد مرور شهر تقريبا على تنفيذ عملية آمرية الطيران أقيم احتفال كبير بمناسبة تخريج إحدى الدفعات من مظليي شبيبة الثورة التابعين للسلطة الذين كان بينهم عدد كبير من الفتيات المراهقات وقد ألقى المجرم رفعت خطابا في هذا الحفل تكلم فيه عن التقدمية والرجعية ووعد فيه المظليات بمكافآت كبيرة عن كل حجاب ينتزعنه من فوق رؤوس النساء المسلمات المحتشمات اللائي يسرن في شوارع مدينة دمشق وكان تجاوب هؤلاء المراهقات كبيرا فقد انتظرن بفارغ الصبر فرصة كهذه فكم آلمهن طهارة الفتيات المسلمات فأردن بذلك تغطية عيوبهن حين تمرغن في مستنقع الرذيلة والفساد الذي هيأه لهن المجرم حافظ أسد وانطلقن لتنفيذ هذه العملية بحماس كبير وفوجئ أهالي مدينة دمشق بظاهرة غريبة لم يشاهدوا مثلها حتى إبان وجود الاستعمار الفرنسي على هذه البلاد فقد انطلقت آلاف المظليات بشكل جماعات كل منها يضم حوالي مائة عاهرة وهن يرتدين اللباس المموه ويحملن المسدسات على وسطهن بينما يسير حولهن مرافقون من عناصر سرايا الدفاع المسلحين بالبنادق الروسية والمسدسات وبدأت الجريمة القذرة بنزع أغطية الرؤوس عن النساء المصونات في الطرقات وفي السيارات وفي الباصات وتم ذلك بوقاحة يعجز عن وصفها القلم واللسان وكان توزع هذه الجماعات في معظم مناطق دمشق الرئيسية مثل : المهاجرين ـ مساكن برزة ـ أبو رمانة ـ العفيف ـ الحميدية ـ شارع بغداد ـ ميدان أكراد ـ الإطفائية .
وارتسمت علامات الذهول على وجوه المواطنين الذين رأوا حقارة النظام التي فاقت كل التصورات وحدثت اشتباكات عنيفة بالأيدي أو الأسلحة بين عناصر السرايا والمواطنين الذين بدءوا يدافعون لدمائهم وعن أعراضهم ونسائهم أمام هذه الحقارة الحاقدة مما أدى إلى استشهاد عدد كبير من المواطنين وهم يواجهون عناصر السرايا المسعورين الذين قتل عدد منهم في هذه الاشتباكات كما قتل عدد آخر من المظليات العاهرات .
هذه العملية المدبرة التي خطط لها الطواغيت الصغار قد أثارت حفيظة الشعب المؤمن وهزت مشاعره وملأت النفوس نقمة وحقدا فالاعتداء الآثم شمل كل صفوف الشعب من مدنيين وعسكريين ووضع الناس بموقف لا بد لهم فيه من الدفاع عن أعراضهم ونسائهم ضد عناصر السلطة ومجرميها .
وبدأت مئات المكالمات الهاتفية تنهال موجهة إلى رؤوس النظام بما فيهم المجرم أسد وهي تحذر من خطورة الوضع القائم فبادر رؤساء المخابرات إلى إبلاغ المجرم أسد عن ضرورة إيقاف هذه العملية كي لا يستغلها المجاهدون وأصدر الطاغية أسد قرارا بوقف هذه الجريمة في الساعة الحادية عشر ليلا وفي اليوم التالي انتشرت المظليات في شوارع مدينة دمشق وهن يوزعن الورود على الناس الذين كانوا يلعنوهن ويلعنون رئيسهم الزنديق الذي يوجههم إلى الرذيلة والإفساد .
وبعد أيام معدودة وقف المجرم الكافر حافظ أسد خطيبا يعلن تبريره لهذا الفعل الشنيع فقال بصفاقة ووقاحة : ( إننا لا نحبذ الحجاب فهو من العادات البالية وأنا مع توجهات رفيقاتنا في هذا المجال ) وتابع لغطه وهذره بالتحدث عن إخواننا المجاهدين فحاول النيل منهم بسوء لسانه وراح يلصق نعوته وصفاته بإخواننا المجاهدين وأنهى كلامه بتحذير جلاوزته المجرمين من عمليات المجاهدين واعتبر هذه العمليات الشجاعة التي طالت رؤوس نظامه في أوكارهم وجحورهم خسة ونذالة ولؤما بينما قيم جريمته بنزع الحجاب عن رؤوس المسلمات الطاهرات تقدما وجرأة وحضارة وأعلن عن منع الحجاب لطالبات المدارس .
لقد كان هذا العمل الحقير طعنة قوية لشعبنا المسلم في عقيدته وشرفه مما دعا الكثيرين من أبناء الشعب إلى منع بناتهن من الذهاب إلى المدارس وخرجت عدة مظاهرات رافضة لهذا القرار في ضواحي دمشق ( قطنا ـ دوما ـ التل ……) ولكن دولة اللصوص المارقين والعصابة المنحرفين أصرت على تطبيق هذا القرار وفي تقديرنا أن عملية نزع الحجاب لو تكررت مرة ثانية في شوارع دمشق لتسببت في استشهاد المئات من المواطنين المسلمين وقتل أعداد كبيرة من عناصر السرايا المجرمين .
لقد أرادت السلطة الغبية من وراء هذا الاعتداء المدبر الذي أثار اسغراب الناس وبعض إخوتنا المجاهدين تحقيق مجموعة من الأهداف أما نحن فلم نفاجئ بهذا العمل أبدا على الرغم من خسته ودناءته لأننا كنا نتوقع من السلطة أن تتصرف بمنتهى الطيش والغباء والجنون وهنا نجمل الدوافع الحقيقية الكامنة وراء هذا الاعتداء الآثم :
1 ـ اختبار قوة الروح الإسلامية لدى الشعب المسلم فقد عملت السلطة على استفزازه بشكل دنيء واعتدت على حرماته دون رادع من ضمير أو أخلاق ـ اللهم إن وجد لها بقية في نفوس هؤلاء المنحرفين ـ إنها أرادت معرفة ما حققته من إذلال وإفساد لهذا الشعب من خلال البطش والإرهاب وعن طريق الفساد والانحلال بنشر شبكات الدعارة التي ترافق وجودها مع وصول المجرم أسد إلى السلطة لكنها توصلت إلى نتيجة كبرى سطرها عدد كبير من المواطنين بدمائهم حين تحركوا بشكل عفوي للدفاع عن عقيدتهم وعن أعراضهم وعن شرفهم ونسائهم ولو أن هذا العمل قد تكرر لكانت عواقبه المئات من القتلى والجرحى .
2 ـ أرادت السلطة أيضا الإمساك بعدد من الناس المتدينين فقد بثت مخبريها في كل مكان لجمع المعلومات عن المواطنين الذين شاركوا في التظاهرات التي جرت ضد قرار منع الحجاب ولمعرفة الأحاديث التي تدور بين الناس .
3 ـ أما السبب الأهم من كل هذه الأمور فهو محاولة استدراج المجاهدين في دمشق إلى معركة مكشوفة تتمكن فيها من القضاء عليهم أو تجبرهم على تنفيذ عمليات محدودة ذد مظليات السلطة لاستغلالها إعلاميا وليكون لها مبرر قوي للبطش بالمسلمين علها تصل إلى أحد المجاهدين .
إن الاعتداء الآثم على النساء المسلمات في شوارع دمشق ترك الأجواء المشحونة بالحقد والنقمة على السلطة وشكل علينا ضغطا كبيرا قام به الكثيرون من إخواننا الذين هالهم وقاحة النظام فطابوا بالرد السريع العنيف على المظليات ومن يقف وراءهم كما أن الشعب بدء ينتظر رد المجاهدين على هذا الاعتداء المدبر .
وتوالت الأيام ولم يحدث أي شيء من هذا القبيل لأننا وبعون الله لن نستدرج إلى معركة لم نخطط لها ولم نحدد زمانها ومكانها بأنفسنا مهما كانت الأسباب لأننا نعلم حقيقة واحدة لا مجال للنقاش حولها وهي : أن نظام المجرم أسد لو تمكن من القضاء على تنظيمات المجاهدين في سورية لا سمح الله فإنه سيقوم باستباحة الشعب المسلم وسيعرض عليه أنواع القهر والإذلال وسيعرضه للفظائع والويلات لذلك فنحن نسعى دوما إلى المحافظة على مجاهدينا مهما كانت الظروف ولا نرد على النظام المتسلط إلا بالعمليات المخططة والمدروسة التي تطال رؤوسه وأدواته القمعية التي يعتمد عليها في تنفيذ مخططاته الإجرامية ولذلك فقد انتظرنا مدة خمسة عشر يوما كان الشعب قد وصل فيها إلى مرحلة كبيرة من الضيق نفذنا بعدها عملية التفجير الضخمة في هدف فاجأ الشعب والسلطة على السواء ألا وهو تفجير مستوطنة الخبراء الروس .
عملية الشهيد بشار السادات : مستوطنة الخبراء الروس : 1981/10/5
ففي يوم الاثنين قبيل وقفة عيد الأضحى المبارك بيومين كانت السلطة قد منحت موظفيها إجازات من العمل بمناسبة حلول العيد واطمئن رؤوس النظام بعد تجاوز الساعة الثانية عشر بعد الظهر وركنوا إلى أن المجاهدين لن ينفذوا أي عملية قبل العيد وذلك لأن العمليات السابقة قد حدثت ما بين الساعة 11 ـ 12 ظهرا ومن جهة ثانية فمعظم الأهداف التي يتوقعون تنفيذها قد أصبحت خالية من موظفيها لذلك منوا أنفسهم بقضاء أسبوع هادئ ومريح ولكن إرادة الله شاءت أن يكون هذا العيد موعدا للسلطة بين جثث القتلى والجرحة فبعد صدور إجازات للموظفين في الدولة كانت منطقة كراجات العباسيين تغص بالآلاف من الناس الذين يريدون السفر إلى مدنهم وقراهم في شمال سورية وما أن أعلنت الساعة الرابعة إلا ربعا بعد الظهر حتى انطلق طوربيد الموت الثالث وهو يحمل الهلاك والدمار متجها نحو مستوطنة الخبراء الروس بقيادة أحد مجاهدينا البالغ من العمر عشرون عاما وهذا الطوربيد عبارة عن سيارة شاحنة صغيرة من نوع سوزوكي حُملت بـ 600 كغ من الديناميت الشديد الانفجار وعندما اقتربت السيارة من مستوطنة الخبراء الروس الكائنة في منطقة التجارة ـ قرب العباسيين ـ قام عناصر الحرس بفتح الباب لمكروباص يقل عشرين خبيرا روسيا وما إن دخل المكروباص حتى تبعته الشاحنة الصغيرة فلم يتمكن عناصر الحرس من إيقافها فصوبوا بنادقهم إليها وبدءوا بإطلاق النار عليها فما كان من المجاهد البطل إلا أن قام بتفجير السيارة فور إطلاق النار ، اهتزت مدينة دمشق لدوي الانفجار العنيف وصعدت أعمدة الدخان نحو عنان السماء وعلى الفور قطعت الشوارع المحيطة بالمنطقة مما أدى إلى توقف السير في القسم الشمالي من مدينة دمشق وهرعت سيارات الإسعاف مولولة إلى مكان العملية وأسرع ضباط الشرطة العسكرية بالمجيء إلى ساحة العملية مع أعداد كبيرة من عناصرهم الذين طوقوا المنطقة وحاصروها بعد ذلك توافدت عناصر وضباط المخابرات وشرطة النجدة حتى امتلأت المنطقة بالآلاف من العناصر المسلحة وقد نزل عدد كبير من رؤوس النظام وفي مقدمتهم المجرم الزنيم رفعت أسد وزوج ابنته المجرم معين ناصيف رئيس أمن السرايا ووزير الداخلية وعدد آخر من الوزراء وكبار مسؤولي السلطة وكبار ضباط المخابرات الذين وفدوا إلى المنطقة وهم في حال ذهول من هذه العملية المفاجئة بالزمان والمكان التي أسفرت عن تدمير واجهة البناء تدميرا شاملا وبعثرت جثث الجواسيس الروس هنا وهناك وتركت في الأرض حفرة عميقة وتلاشت جثة أخينا الشهيد رحمه الله بينما لم يعثر لعناصر الحراسة الموجودين أمام باب المبنى على أي أثر وانطلقت سيارات الإسعاف وشرطة النجدة إلى مكان الحادث وبدأت عملية نقل الجرحى والقتلى ولم تكف سيارات الإسعاف في عملية النقل هذه فعمدت عناصر المخابرات إلى إيقاف السيارات المارة في الشوارع القريبة للمشاركة بنقل المجرمين إلى المستشفيات التي غصت بهذه الأعداد الكبيرة من الجرحى وروى شاهد عيان ذلك الموقف الذي لا ينسى حين أتى السفير الروسي إلى البناء المدمر ووقف على أطلال مستوطنته المهدمة وهو يبكي ويذرف الدموع على رفاقه المجرمين متناسيا مجازر حكومته المجرمة ضد الشعوب الإسلامية وخاصة حرب الإبادة ضد الشعب الأفغاني المسلم كما روى ِأيضا بأن المجرم رفعت أسد حاول تهدئة السفير الروسي ولكن السفير انتهره بشدة مكررا أقواله السابقة بأن النظام المجرم في سورية لم يؤمن الحماية اللازمة لهؤلاء الجواسيس الروس ، في نفس الوقت جرى اتصال سريع بين دمشق وموسكو لمتابعة نتائج العملية وأوصت الحكومة الروسية بالتكتم الشديد على هذه العملية الجبارة حفاظا على سمعتها الدولية ولم تكن هذه العملية وأمثالها لتخفى على أحد من الناس فالآلاف من الناس الذين كانوا في منطقة الكراجات سمعوا الانفجار ورأوا بأم أعينهم كثافة سيارات الإسعاف التي تقوم بنقل الجرحى للمستشفيات مما ساعد على نشر أنباء العملية في كل المحافظات السورية بنفس اليوم وزاد عدد القتلى عن مائة مجرم جاسوس بينما كان الجرحى بالمئات فبناء الجواسيس الذي يطلق عليه اسم بناء المرسيدس مؤلف من 14 طابقا في كل طابق يوجد ثلاث شقق تقريبا ونشير هنا إلى أن 25 عنصرا من عناصر المخابرات السورية الذين يقومون بحراسة المبنى قد لاقوا حتفهم أما المستشفيات التي استقبلت المصابين فهي المستشفى العسكري بحرستا ، مستشفى المزة العسكري ، مستشفى المواساة ، مستشفى المجتهد ، مستشفى الفرنسي ، مستشفى الطلياني ، مشفى الحياة .
وفي اليوم التالي جرت مراسيم خاصة لتوديع القتلى الذين نقلوا بالطائرات من مطار المزة العسكري إلى روسيا .
هذه العملية الضخمة سببت إرباكا شديدا لنظام المجرمين القتلة وأدت إلى فقدان الثقة به دوليا وبرهنت على عجزه عن حماية أسياده الجواسيس وأكدت من جديد كذب ادعاءاته حول القضاء على المجاهدين إضافة إلى الرعب الشديد الذي تركته في نفوس مجرمي السلطة الذي بات مؤكدا لديهم وقوع العملية الرابعة وما تعنيه من مئات القتلى والجرحى دفعة واحدة ، أما شعبنا المصابر فقد عم صفوفه الفرح والابتهاج ورأى الانتقام الذي تقدمه قيادة المجاهدين لعملية نزع الحجاب عن رؤوس المؤمنات المصونات ورأى العقاب الصارم لمن يقف وراء المجرم حافظ أسد ويسعى إلى فرض الإلحاد والكفر على شعبنا المؤمن ورأى مصير الذين يزودون جلادي النظام وسفاحيه بالمعدات الحديثة لتعذيب السجناء الأبرياء وظهر للعيان تواطؤ الإعلام العالمي وتستره على جهاد المسلمين خاصة في أفغانستان وسورية فلم تدكر عملية خلع الحجاب بينما أشير بكلمات بسيطة إلى عملية الخبراء التي عملت بها كل الهيئات الدبلوماسية في دمشق .
رحم الله شهيدنا الغالي وأسكنه فسيح جناته . والله أكبر ولله الحمد .
لقد أدى نجاح هذه العملية إلى رفع الروح المعنوية لدى أبناء شعبنا في سورية وتناقل الناس أخبارها إضافة إلى خبر مقتل السادات العميل على أيدي الإخوان المسلمين في مصر وفي المقابل كانت معنويات أزلام السلطة في الحضيض وبدأ الانتظار الرهيب للعملية القادمة التي أصبحت في حكم المنفذة .
كان استياء رؤوس الإجرام كبيرا بفشل إجراءاتهم المختلفة في منع حدوث العملية الثالثة وأصبحوا أمام واقع جديد جعلهم في حالة ارتباك لم يسبق لها مثيل من قبل وكم كانوا يتمنون لو أنهم عرضوا ما تسفرعنه هذه العمليات من قتلى وجرحى وما تخلفه من تدمير وتخريب على شاشات التلفزيون مرفقة بحملة إعلامية هائلة علَّ ذلك يوقف نشاط المجاهدين في دمشق ولكن نوعية الأهداف لم تكن لتسمح لهم بذلك فاضطروا إلى التكتم الشديد على أنباء هذه العمليات .
أما استنفار السلطة الكبير في دمشق فإنه لم يتوقف لحظة واحدة منذ حدوث عملية تفجير مبنى رئاسة الوزراء على ما بعد عملية تفجير الأزبكية واعتقال الأخ خالد الشامي والقيام بمجزرة حماة المجاهدة ، وتضاعف الاستنفار بعد تنفيذ عملية الخبراء الروس فاستمرت الكمائن والحواجز الثابتة وزادت الحواجز الطيارة واتخذت إجراءات شديدة لحماية الأبنية المستهدفة وكثرت عمليات إطلاق الرصاص على السيارات المشتبه بها وظهر تصميم السلطة على منع العملية الرابعة من خلال الصلاحيات المطلقة لعناصر المخابرات بإطلاق الرصاص على كل سيارة يشتبه بها وبالفعل فقد أصبح التنفيذ خطرا جدا وخوفا من وقوع السيارة المرسلة في كمين أو حاجز حالة الاشتباه فيها وانفجارها في مكان مزدحم بالمارة فقد قررنا تأجيل العملية الرابعة مدة 55 يوما تقريبا مما أدى إلى انهيار أعصاب المجرمين من الانتظار الطويل فقد أوقفت مئات السيارات المشتبه بها في شوارع دمشق وتم تفتيشها وتفتيش أصحابها دون جدوى وهكذا بدأ استرخاء لا إرادي لدى عناصر المخابرات الذين يئسوا من فائدة هذه الإجراءات ، ولم نضيع الوقت أبدا فقد تلقينا في هذه الفترة أكبر دفعات السلاح والعتاد التي وصلتنا خلال عمر التنظيم وتم توزيعها بشكل سري دقيق تجلت فيه عناية الله سبحانه وتعالى كما استمرت عملية بناء التنظيم وترميم ما تهدم خلال الفترات السابقة وإغلاق الثغرات الضعيفة في بنائنا بشكل لا يُمَكن مجرمي السطلة من اختراق صفوفنا .
لقد أظهر الضغط الأمني الشديد الذي مارسه نظام المجرم الصهيوني حافظ أسد صلابة مجاهدينا وقوتهم فكافة الشباب في التنظيم من أصغر أخ فيه وحتى أمير التنظيم عاشوا خلال هذا العام في حالة استنفار دائمة مستعدين للموت في كل حين وفي كل آن لقد اتخذنا قرارنا بتنفيذ هذه العمليات ونحن نعرف تماما مقدار الضغط الهائل الذي ستمارسه السلطة للقضاء علينا إننا وطنا أنفسنا على كل الاحتمالات المتوقعة مدركين حقيقة كبرى في طريقنا وهي أن حربنا هي حرب عصابات قبل كل شيء وأننا لن نستدرج إلى حرب مواجهة مهما كانت إجراءات السلطة ومهما بلغت وحشية هذه الإجراءات وسنسعى لتوجيه أعنف الضربات إلى رؤوس النظام وأدواته القمعية المجرمة بإذن الله ويالها من مرحلة شديدة ظهرت فيها معادن الرجال كما تبين فيها أن الباطل مهما قوي وانتفش فإنه ضعيف ذليل أمام الموت وهاهي حجوم ضباط المخابرات ورؤوس النظام تعرف على حقيقتها وانتشرت الروايات المضحكة التي تتحدث عما يقوم به المجرمون من أعمال تدل على مدى جبنهم وهلعهم وفي تقديري أنه لو وجد هنالك أدنى تكافؤ بين قوة المجاهدين وقوة النظام لما استطاع هؤلاء المجرمون أن يستمروا ولو لبضع ساعات قليلة أمام مجاهدينا الأبطال .
أما فيما يخص الاتصال مع الإخوة في حماة فقد أبلغني الأخ عمر جواد ـ أبو بكر ـ بأن السلطة قد كثفت من ضغطها الأمني على المدينة وهي تقوم بأعمال استفزازية وقحة لإيذاء المواطنين وإهانتهم كي تستدرج الإخوة في حماة إلى معركة مكشوفة وبدأت السلطة ببث الشائعات حول عزمها على إنزال مجرمي سرايا الدفاع لتمشيط المدينة وقتل الآلاف من الأهالي الأبرياء كما أكد لي الأخ أبو بكر بأنهم لن يسمحوا للسلطة بأن تبطش بالشعب وأن الإخوة سيدافعون عن أبناء الشعب مهما كانت النتائج , فطلبت منه الاستمرار ضمن خطة حرب العصابات وعدم الدخول في حرب مواجهة مهما كانت الأسباب لأن هذا يعني القضاء على مجاهدي حماة مع عشرات الآلاف من أبناء المدينة وسأعود لتفصيل هذه النقطة عند الحديث عن مجزرة حماة كما أبلغته عن عدم تخلينا عن أسلوب حرب العصابات كذلك التقيت في هذه الفترة بالأخ خالد الشامي الذي نقل لي بعض التفصيلات عن أوضاع حماة وعن عزم السلطة على البطش بالمدينة وأهلها فطلبت منه أن ينقل إلى الإخوة هناك رأينا بوجوب ضبط النفس وتخفيف الحركة وعدم التأثر بما ترتكبه السلطة من جرائم وما تقوم به من مضايقات بحق الشعب حتى يتم تجاوز هذه المرحلة كما نقل لي أخبار الإخوة الموجودين خارج سورية وعن صدى العمليات عندهم وعن عزمهم القيام بإجراءات الحسم في الداخل وسألني عن احتياجاتنا فطلبت منه المزيد من الديناميت وسأعود لتفصيل هذه الأحداث عند الحديث عن اعتقال الأخ خالد الشامي.