على ثرى دمشق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فيسرنا في مركز “عين الشام للدراسات” أن نقدم للقراء جميعا شهادة علم من أعلام الجهاد في عصرنا هذا، حمل على عاتقه عبء الجهاد، وقاتل الطغاة والظلمة في سورية الحبيبة سنين طويلة، أذاقهم فيها من كأس الموت والذل ما جعلهم لا يهنؤون بحكمهم، واستمر رحمه الله تعالى في سلوك طريق الجهاد من غير تبديل ولا تغيير رغم تخلي أقرب المقربين منه رحمه الله تعالى، إلى أن لقي وجه ربه شهيدا مقداما نحسبه كذلك والله حسيبه.

إنه القائد المجاهد المهندس البطل أيمن الشُّربجي، ابن مدينة دمشق الفيحاء، وحبيب حي الميدان البطل، وخرّيج جامع منجك العريق، وقائد تنظيم الطليعة المقاتلة في منطقة دمشق، إنه رجل من عصر آخر، جعله الله حُجَّة علينا لنعلم أن المؤمن مهما ضاقت به السبل يستطيع بتوفيق الله أن يؤدي الواجب عليه، وأن يُذيق الكفرَ من الكأس التي أذاقنا إياها.

في هذه الشهادة أخي الكريم أختي الكريمة معلومات غزيرة، وشهادة من قلب الحدث، وعِبَر كثيرة جدا، لا تنتهي بمجرد انتهاء قراءة هذه الشهادة.

ولقد علا اليوم بحمد الله تعالى علم الجهاد، وبدأت الأمة تتلمس طريق العزة والإباء، لذا فهي بحاجة ماسة للاستفادة من كل التجارب الماضية، تأخذ منها الصحيح فتبني وتزيد عليه، وتبتعد عن الأخطاء فلا تقع فيها مجددا.
هذا الكتاب كتب بمداد من دماء المجاهدين، كتبه الأبطال الميامين، تاريخاً مجيداً في واقع شعبنا، وبعد ذالك تمت كتابته حروفاً على الورق.
إن دراسة تلك المرحلة وشخصياتها الفاعلة ومنهم الأخ أيمن وأخوته، لم تحظ إلى الآن بالاهتمام اللازم، ولا نقصد هنت الاهتمام العاطفي من مدح وتبجيل وإنما نقصد الدراسة التحليلية التفصيلية لتلك الحقبة، التي تمكننا من استخلاص العبر الصحيحة.
ماحصل في تلك المرحلة منذ تأسيس الطليعة المقاتلة، مغيب عند الناس حتى هذا الوقت، لقد قام النظام بطمس بطولات تلك المرحلة وتشويهها، وهذا أمر مفهوم لدينا، أما أن يتغافل الاسلاميون عن تلك المرحلة ويساهموا في تغييبها فهو أمر لا نجد تبريراً له بحال من الأحوال.
ونحن اليوم أحوج مانكون إلى تلك الدروس والعبر.

وتأتي أهمية هذه الكتاب “والتي تحدث فيها عن أكثر من مئة عملية حصلت في قلب العاصمة دمشق ومن بينها عملية استهداف المجرم حافظ الأسد “من أهمية كاتبها، وصراحته في المراجعات ووضع النقاط على الحروف، ووضوح الهدف عنده. ولن يكون لنا في هذه المذكرات من دور إلا ما قد يحتاجه السياق من توضيح مسألة أو حدث ما.

وختاما فلا يسعنا إلا الدعاء بالرحمة والمغفرة لقائدنا البطل ولجميع إخوانه الشهداء، اللهم ارحمهم وأعْلِ منزلتهم وألحقنا بهم غير مدبرين يارب العالمين…