فرع الأزبكية التابع للشرطة العسكرية –فرع التحقيق-
كان من نتائج العمليات الضخمة السابقة تردي وضع النظام معنوياً وانهيار إعلامه في الداخل والخارج كما ازدادت جرائمه بشكل لم يسبق له مثيل، فوقع اختيارنا في هذه المرة على أحد فروع القمع والإجرام ألا وهو فرع الأزبكية التابع للشرطة العسكرية، وقد يستغرب البعض اختيار فرع الأزبكية كهدف للتنفيذ، ولكنّنا سنوضّح الدّور الإجراميّ الذي تقوم به الشرطة العسكرية في ذبح أبناء شعبنا الصابر، هذا الدور الّذي استوجب القصاص العادل من المجرمين إنّ المهمة التي أنشأ من أجلها جهاز الشرطة العسكرية هي حفظ النظام داخل الجيش [ملاحقة المجندين الفارين من الخدمة الإلزامية –رد الهاربين من ساحات القتال في حالة الحرب- إضافة للمهمتا الإدارية المتعددة التي تساعد على استقرار النظام في الجيش –واجتثاث الفوضى التي قد تحصل- إنصاف المدنيين من العسكريين في حالة حدوث أي خلاف بين الطرفين …] وعلى هذا الأساس فهو جهاز عسكري انضباطي لا علاقة له بالأمور السياسية بتاتاً بينما السياسة بعرف السلطة هي من اختصاص فرع المخابرات العسكرية الذي يترأسه المجرم علي دوبا، ولكن ما هي التطورات التي طرأت على فرع الشرطة العسكرية في سورية حتى وصل إلى وضعه الحالي ؟؟..
إنّ الانقلاب الّذي قام به المجرم حافظ الأسد عام 1970م قد ساهم فيه جهاز الشرطة العسكرية بمساهمة فعّالة ومباشرة باعتقال الكثيرين من الضباط والمسؤولين الّذين أطاح بهم حافظ الأسد، وقد كان على رأس هذا الفرع في تلك الفترة العميد المجرم علي المدني وهو من مدينة حماة وقد كان شريكاً للمجرم أسد في هذا الانقلاب المشؤوم، وقد تخوّف المجرم أسد من المجرم علي المدني لأنّ جهاز الشرطة العسكرية كان جهازا مستقلاً في تلك الفترة بشكل كامل وكان علي المدني يتمتع فيه بصلاحيات كاملة، ممّا دعا المجرم أسد إلى إبعاد المجرم علي المدني عن فرع الشرطة العسكرية بعد عدة سنوات مستغلاً الظروف المناسبة، وقد صدقت نبوءة الشهيد القائد مروان حديد يوم حقّق المجرم علي المدني معه في السجن عام 1975 فقال له: [يا علي أنت كعب حذاء يدوس عليك حافظ أسد، وعندما تهترئ سيرميك ويأتِ بغيرك].
كما قام المجرم حافظ أسد بإبعاد بقية المجرمين الّذين ساعدوه في الانقلاب الذي قام به منهم: عبد الرحمن خليفاوي رئيس الوزراء السابق، عدنان دباغ وزير الداخلية، والكثيرين من الضباط أمثال: توفيق الجهني النصيري قائد الفرقة الأولى، واستبدلهم بضباط أشدّ ولاء وأكثر طاعة وليس لديهم أي مطامح في منافسته على السلطة.
وكان البديل عن المجرم علي المدني: ابن خالة المجرم أسد وهو المجرم قحطان إسماعيل الذي بدأ يتصرف بمنتهى الغباء والطيش، ممّا سبّب للمجرم أسد إحراجاً شديداً أمام الضباط والمسؤولين في الحزب والجيش وربما أنّ المجرم أسد لم يكن في تلك الأيام 1976 يتمتع بهذا النفوذ في السلطة، فقد اضطر إلى إزاحة ابن خالته من رئاسة الشرطة العسكرية إثر حادثة ملعب العباسيين، فقد حصلت مشاجرة بين عناصر سرايا الدفاع وعناصر الشرطة العسكرية المكلفين بحماية الملعب أثناء مباراة بكرة القدم بين سورية والكويت، وأصدر يومها قحطان إسماعيل أمراً لعناصره بإطلاق النار في الملعب ممّا أدّى إلى سقوط خمسين شخصاً بين جريح وقتيل من عناصر سرايا الدفاع ومن المدنيين، أدّى ذلك لحصول ضغط شديد على المجرم أسد، فاضطر إلى خلع قحطان إسماعيل وتعيين المقدّم رسمي العيد بدلاً عنه.
وكان المجرم النصراني رسمي العيد مديرا لسجن المزة، وقد قدّم خدمات كبيرة للمجرم أسد، ومن صفاته أنّه يمتلك نفسية سجّان يلتزم حرفياً بأوامر سيده ويتمتع بقدر كبير من البذاءة والحماقة والإجرام، وكل المؤهلات التي يملكها أنه مرتزق أعمى الولاء لم يرتفع عن مرتبة السجانين أبداً، وهذا ما طمأن المجرم أسد الّذي بدأ بإزاحة كبار الضباط السنيين من فرع الشرطة العسكرية، واستبدلهم بضباط من طائفته النصيرية أو ضباط سنيين مرتزقين دينون له بالولاء الكامل، وكل همهم مساعدة المجرم أسد في تنفيذ جرائمه المخططة، ولقد توسعت دائرة التغيير في هذا الفرع حتى شملت صف الضباط والعناصر أيضاً، فتحوّل فرع الشرطة العسكرية من جهاز لنظام الجيش إلى جهاز إجرامي يطارد الضباط المشكوك بولائهم ويبطش بكل مسلم يقول لا إله إلاّ الله دون أن يعترض أي ضابط منهم على ذلك.
لقد ربط المجرم أسد جهاز الشرطة العسكرية بنفسه مباشرة فعيّن المقدم النصيري عادل حافظ نائباً لرسمي العيد، وعيّن الكثير من الضباط النصيريين في هذا الفرع وجعل اتصالهم مباشراً معه مثل أحد المجرمين النقباء من آل الأحمد، وقد قتل هذا المجرم في الأزبكية، وبواسطة هؤلاء الضبّاط ضَمِنَ ولاء هذا الفرع بشكل كامل، وأصبح من المستحيل على هذا الفرع أن يشترك في أيّ انقلاب ضد المجرم أسد، وقد ظهرت حقيقة هذا الجهاز الإجرامي عندما بدأت عمليات المجاهدين في سورية منذ عام 1976 فقد اشتركت عناصر هذا الفرع مع عناصر فرع النجدة، وفرع الأمن الجنائي في عمليات التطويق والتمشيط والمداهمات وإطلاق النار على الإخوة، لقد تحوّلت كل هذا الفروع إلى أجهزة قمع وإجرام سلطت سيف إجرامها على رقاب الشعب الأعزل وقد دفع حرصنا على تجنّب إراقة دماء عناصر هذه الفروع إلى أن يتمادوا في غيهم وإلى بذل المحاولات المحمومة للقضاء على مجاهدينا.
فمع بداية عام 1980 بدأ ضباط الشرطة العسكرية بإلقاء الخطابات على عناصرهم يخبرونهم فيها أنّ مهمتهم أصبحت أمنية، وهي القضاء على الإخوان المسلمين في سورية، وبذلك فقد أصبح اشتراك الشرطة العسكرية في عمليات المداهمة التي حصلت لقواعد المجاهدين اشتراكاً فعلياً وخاصةً في مجزرة ما بين العيدين عام 1980، وعمليات نصب الحواجز والاشتباكات الحاصلة في الشوارع كما قصر المجرم رسمي العيد مهمة المباحث العسكرية على محاربة المجاهدين، وهذا الجهاز تابع للشرطة العسكرية، وهو الذي يتولى أمور المجندين الفارين، وعناصره تسير بلباس مدني، ويستخدمون سيارات مدنية، هذا وقد استشهد عدد كبير من الإخوة المجاهدين على أيدي دوريات الشرطة العسكرية، كما رُويَ بأنّ المجرم رسمي كان يتفوه بأحطِّ الكلمات أثناء تطويق قواعد المجاهدين، ويطلب من مجرميه تدمير أيّ بناء تخرج منه طلقة واحدة من الرصاص فوق رؤوس السكان الأبرياء.
وهكذا فإنّ مجرمو هذا الفرع قد تمادوا كثيراً وتمرغوا في أوحال الجريمة بشكل غير متوقع، فكانوا يبذلون الجهود المحمومة للوصول إلى مجاهدينا بعد تنفيذ عملياتنا الناجحة مما اضطرنا للتفكير في تأديب عناصر هذا الفرع –الأدوات المنفذة- ولكن إرادة الله شاءت أن يعتقل أحد الإخوة في أواخر عام 1980، وبعترف بأنه قام باستطلاع سيارة زيل تقل 35 عنصرا ً من عناصر تبديل الدوريات الأمنية، واعترف بأنّ المجاهدين ينوون مهاجمتها لهذا قررنا إلغاء العملية، أدّى هذا الاعتراف إلى استنفار فرع الشرطة العسكرية استنفاراً تاماً فأصبح عناصر الفرع يسيرون وبنادقهم مصوبة إلى صدور المواطنين وزادت بذاءة ضباطهم، وكبر الحقد في صدورهم على المجاهدين، وبعد تفجير مبنى رئاسة الوزراء وآمرية الطيران، قام المجرم رسمي وبقية ضباطه بنشر اعداد كبيرة من عناصرهم في شوارع مدينة دمشق ونصبوا الحواجز الثابتة والطيارة، للمساهمة في القضاء على المجاهدين، مما استوجب تلقينهم درساً لا يسنوه على مر الأيام، ولم يكن هنالك بدل عن القيام بعملية ضخمة تقذف في قلوبهم الرعب وتقضي على عدد من رؤوسهم وأدواتهم القمعية.
ونذكر هنا أنّ فرع الشرطة العسكرية قام بتأمين عناصر الحراسة والحماية لكثير من الأبنية المتوقع ضربها من قِبل المجاهدين في دمشق، وبذلت في سبيل ذلك جهود كبيرة، ولقد توقع ضباط هذا الفرع كل شيء إلاّ أن تكون العملية التالية عندهم، إذ أنّهم ظنّوا بأنّ المجاهدين مخدوعون، بفرع الشرطة العسكرية ولا يعرفون حقيقة المهمات التي يقوم بها مما جعل الضربة تأتي مباغتة صاعقة قوية، أدّت إلى كسر شوكتهم وتمريغ رؤوسهم العفنة في التراب.
لقد أثبتت الأيام أنّ القوى المجرمة مهما بلغت من القوة والجبروت والاستبداد فإنها لن تستعصي على مجاهدينا الّذين لا يملكون من الإمكانيات المادية إلا النذر اليسير، ولكنهم يملكون إيمانا بالله تعالى، وإيماناً بعدالة قضيتهم، هذا الإيمان أقوى من كل أسلحة المجرمين الحاقدين.
لقد أثبتت المعركة غباء المجرم رسمي العيد الّذي كان يدفع ضباطه وعناصره دفعاً إلى ساحة الموت ظناً منه أنّ نفوس إخواننا شبيهة بنفوس عساكره الخائفة الذليلة، التي يمارس عليها هواياته بالتحكم والتسلط والإذلال، ولم تكن ظنونه إلاّ وهماً أو ضرباً من ضروب الخيال فلن تقدر عناصره الذليلة مهما كثرت على قذف الرعب في قلوب إخواننا المجاهدين ولو كان هذا المجرم يتمتع بذرة من فهم لعلم أن الرتب والنياشين التي يحملها هو وضباطه لا تساوي عندنا جناح بعوضة.
لقد أصدرنا حكم الإعدام على مجرم رسمي العيد وعلى بقية الضباط المجرمين في كافة فروع المخابرات الّذين ارتكبوا الجرائم والآثام بحق شعبنا الآمن.
وإن ثأرنا لن يموت بإذن الله مهما طالت الأيام وهاهي الأحداث تتابع لتبرهن يوما بعد يوم بأنّ انتقام الله من هؤلاء الكافرين المجرمين قد جاءهم في الدنيا قبل الآخرة: {فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون} الزمر
ولسوف يزول حكم الإرهاب، وتشرق شمس الإسلام فوق ربوع سورية الحبيبة بإذن الله .. ففي تاريخ 29/11/ 1981 من يوم الأحد صدرت الأوامر بتنفيذ عملية تفجير فرع الأزبكية التابع للشرطة العسكرية فانطلق طوربيد الموت يقوده المجاهد الشهيد البطل ياسين ساريج، وهذا الطوربيد عبارة عن سيارة من نوع سوزوكي محملة بـ 240 كغ من الديناميت وحين أصبح الأخ المجاهد قريبا من البناء المستهدف ضاعف سرعته ودخل بالسيارة إلى أسفل البناء ثم ترجل منها وبدأ بإطلاق الرصاص على حراس المبنى الذين فوجئوا بأمر لم يتوقعوه وبجرأة لا عهد لهم بها، وبعد لحظة من التردد بدءوا بإطلاق نيران غزيرة بشكل عشوائي مما ساعد على إخلاء الشارع من السيارات والمارة واستشهد الأخ ياسين ساريج على بُعد مئتي متر عن المبنى ودون علم أو دراية خرج عدد من ضباط الشرطة وعناصرهم وتحلقوا حول السيارة كما حدث في الآمرية تماماً، وما هي إلاّ دقائق معدودة حتى دوى الانفجار الرهيب الّذي هز مدينة دمشق بأكملها بعد أن ترك مغارة كبيرة في هذا المبنى، وتطايرت اشلاء المجرمين في الهواء وبعثرت في جوانب الشارع بينما استنفرت عناصر المخابرات المسعورة فامتلأت الشوارع بالدوريات وطوقت المنطقة بأعداد كبيرة من عناصر المخابرات وكثرت حوادث إطلاق النار على السيارات المشتبه بها وبدأت عملية واسعة من إخلاءالقتلى والجرحى فاستخدم لذلك إضافة إلى سيارات الإسعاف سيارات المواطنين التي كانت تمر بالقرب من المنطقة.
إنّ هذه العملية كانت صدمة نفسية كبيرة لضباط الشرطة العسكرية الذين انهاروا لهول العملية الشجاعة وكان المجرم رسمي العيد أشدهم انهياراً حين فقد توازنه، ولقد أسفرت العملية عن قتل وجرح حوالي ثلاثمئة شخص ما بين عنصر أو صف ضابط من الشرطة العسكرية، ولم ينج منهم إلاّ بعض الجرحى وقتل أيضاً ما يربو عن عشرين ضابطاً، نذكر منهم:
1-العميد عيد مكاريوس.
2-عقيد من آل الزعبي
3-مقدم من آل زين العابدين
4-نقيب من آل الأحمد –هذا مقرب جدا من المجرم أسد-.
وقد كتبت السلطة ما يقرب من تسعين اسماً من أسماء القتلى والجرحى على نصب تذكاري أقيم بالقرب من مكان الحادث.
ودمر من جراء العملية أيضا مستوصف تابع للمخابرات الجوية يقع داخل المبنى، وقتل فيه 24 عنصرا كما قتل عدد من ضباط وعناصر شعب التجنيد التي تقع في نفس المبنى.
ونود هنا قبل التحدث عن نتائج العملية وآثارها ومحاولات السلطة الإعلامية لاستغلال الوضع، نود ذكر بعض الحقائق التي لابد منها لتعريف الصورة الحقيقية للعملية ومارافقها من أحداث:
1-معظم المجرمين المتواجدين في المبنى هم من الموالين للمجرم أسد ، الحاقدين على الإسلام، الذين لم يدخروا جهداً في حربهم ضد المجاهدين.
2-يعتبر هذا الفرع ذراعاً طويلة ضد المجاهدين، نظراً لموقعه الحساس بالقرب من مركز المدينة ، مما يساعد على تدخله السريع في كل الحوادث التي تجري بين المجاهدين والسلطة.
3-وقوعه في منطقة سكنية بالقرب من إشارة للمرور، وهذا ما دعى السلطة إلى استغلال الحادثة وتصويرها على أنها انفجار في سوق تجاري يستهدف المواطنين الأبرياء.
أمّا نحن فقد أخذنا للأمر عدته ووضعنا الاحتياطات اللازمة لمنع إصابة أي إنسان بريء فقد جعلنا توقيت الانفجار بعد مدة خمس دقائق من وصول السيارة إلى المبنى أي بعد خمس دقائق من الاشتباك وإطلاق النيران الكثيفة التي سمعها معظم الناس القريبين في المنطقة، وقد أصبح أبناء شعبنا يعلمون ما سيحدث بعد هذه الاشتباكات فقد اندفع ساقو السيارات إلى الابتعاد عن المنطقة بأقصى سرعة ممكنة، وانقطع مرور السيارات أمام المبنى، وبذلك نجحت إجراءاتنا المتخذة لمنع قتل الأبرياء، فلم يقتل في التفجير أي مواطن بريء، ولم تدمر أي سيارة مواطن بريء واحد، بل إنّ السيارات التي احترقت ودمرت هي سيارات الشرطة العسكرية فقط.
هذه العملية الجبارة تركت أزلام السلطة ومجرميها في حالة من الخوف والفزع لم يسبق لها مثيل، وجعلت معنوياتهم في الحضيض، وبات الجميع وهم ينتظرون مصيرهم الأسود المشؤوم، فقامت السلطة بالعمل على محورين:
1) المحور الإجرامي: حيث زجّت كل إمكانياتها القمعية للقضاء على المجاهدين والانتقام من أبناء الشعب الّذين غمرتهم سعادة لا توصف بالرغم من شبح الإرهاب الّذي خيّم على مدينة دمشق بعد أن فرضته السلطة من خلال نشر أعداد كبيرة من عناصرها في الشوارع (دوريات متحركة- دوريات مترجلة- حواجز ثابتة وطيارة- مخبرين)
2) المحور الإعلامي : الذي خرس عن العمليات السابقة بعد أن ابتلعتها السلطة مع ألف غصّة وهي في حالة عجز كاملٍ عن إيقاف هذه السلسلة من العمليات الجريئة وكم كانت تتمنى أن تستخدم إعلامها للضغط علينا لإيقاف عملياتنا ولكن نوعية الأهداف السابقة وأماكن تواجدها منع السلطة من ذلك.
أمّا في هذه العملية فقد بلغ الحنق والغيظ حداً أعظمياً عند السلطة، فحاولت استغلالها ووصفها بأنها حصلت في شارع مكتظ بالمارة.