الاتصال مع الأخ غالب ألوسي
يعتبر الأخ غالب ألوسي من أقدم الإخوة الدعاة إلى الله في مدينة دمشق ولد عام 1950 في مدينة دمشق تخرج من كلية الهندسة في جامعة دمشق .
انتسب الأخ غالب ألوسي إلى جماعة الإخوان المسلمين منذ صغره وتنقل بين شقي جماعة الإخوان المسلمين (حلب و دمشق ) عرف بعلمه وتقواه واتصف بعقله الراجح ودقته في العمل ونشاطه الواسع المتواصل ,اعتقل عام 1978 ضمن حملة الاعتقالات التي قامت بها السلطة بعد قتل المجرم إبراهيم نعامة ومكث في السجن مدة سنتين لم يعترف خلالهما عن علاقته بجماعة الإخوان المسلمين .
أفرج عنه عام 1980 مع عدد من الإخوة تحت الضغط الذي ولدته عمليات المجاهدين في سورية مما اضطر السلطة إلى التظاهر بإطلاق الحريات والتفريج عن المعتقلين الذين لم تثبت لهم علاقة بالإخوان المسلمين .
خرج الأخ غالب من السجن بعد أسبوع تقريبا من اعتقال الأخ يوسف عبيد واتصلت به بعد مضي فترة من الزمن بواسطة الأخ مأمون قباني وتتابعت اللقاءات المفيدة بيننا وكان رأينا حول الإفراج عن المسجونين واحدا وهو أن السلطة إنما أرادت لهذه العملية خداع الشعب لفترة من الوقت تقوم بعدها باعتقالهم من جديد هذه القناعة لدى الأخ غالب تكونت على مدى سنتين داخل السجن فهو العارف بنظام المجرم أسد وزبانيته الأنذال وكم حدثني عن حقارة ضباط المخابرات وجرائمهم ووصف لي بالتفصيل ما يعانيه الإخوة داخل السجون لهذا قرر الأخ غالب التواري عن الأنظار ومغادرة بيت أهله وخاصة أن شقيقه الأخ وليد ألوسي من مجاهدي الطليعة المقاتلة .
خلال اللقاءات العديدة بيني وبين الأخ غالب حدثته عن أوضاعنا وعن أوضاع الجماعات الإسلامية المختلفة وبالمقابل شرح لي وضع الإخوة في السجون ونقل الأنباء التي كانت تصل للإخوة داخل السجون حول العمليات المسلحة التي نفذها ضد رؤوس ومجرمي النظام الطائفي العميل فكان لها الأثر الكبير في رفع معنويات الإخوة وزيادة صمودهم أمام الجلادين ومن هذه الأنباء انتشر نبأ مفاده أن جماعات الإخوان المسلمين المختلفة قد اتحدت وأنها هي التي تنفذ هذه العمليات وكم كانت دهشته عظيمة حين علم بأن تنظيم الطليعة المقاتلة هو وحده الذي ينفذ هذه العمليات وكم كانت دهشته عظيمة حين علم بأن تنظيم الطليعة المقاتلة هو وحده الذي نفذ سائر العمليات التي حصلت في دمشق .
إلى الأردن
سافر الأخ غالب بعد مضي شهر ونصف على خروجه من السجن إلى خارج سورية للتباحث مع الإخوة هنالك في شؤون العمل والتنظيم فقد كان مسؤولا ضمن التنظيم التابع للإخوان المسلمين وذلك قبل دخوله السجن أما سفره فمن أجل حل كثير من القضايا المعلقة بينه وبينهم من جهة ثانية يريد أن يتدرب جسديا لاستعادة لياقته الجسمية بعد سنتين من الجلوس في السجن ونحن بدورنا شرحنا له وجهة نظرنا عن كيفية العمل المسلح في مدينة دمشق وتم سفره وعودته خلال أسبوعين بطريقة سرية فما المستجدات على الساحة بعد عودة الأخ غالب .
موضوع الولاء
في البداية سنتحدث عن موضوع الولاء الذي طرحه الإخوة خارج سورية فهذه المسألة اشتد الخلاف حولها وهي ليست بالمسألة الجديدة ، لقد أراد الإخوة خارج سورية تحديد ولاء الطليعة المقاتلة من مبايعة الإخوان المسلمين خارج سورية ونحن منذ أن تأسس تنظيمنا لم نعط البيعة للإخوان المسلمين لأسباب لا مجال لذكرها الآن .
وقد جرت حول هذا الأمر مناقشات طويلة مع الأخ أبي الفرج وكان الوضع على النحو التالي :
ـ علمنا من قيادة الطليعة في حماة أن تنظيم الطليعة ما زال مستقلا بنفسه عن جماعتي الإخوان المسلمين وأخبرني الأخ هشام بأننا لن نعطي ولاءنا إلا لجماعة موحدة فتنظيمنا يضم عناصر من كل الجماعات الإسلامية لهذا لن نكون طرفا في الخلاف وسنسعى لنكون عنصر ضغط شديد وفعال في عملية اتحاد الطرفين ، إلى الآن فإن علاقتنا معهم هي علاقة تعاون فقط وقمنا بإبلاغ الإخوة خارج سورية بأننا نأتمر بأمر إخواننا في قيادة الطليعة بحماة ونحن لسنا طرفا بأي خلاف وكل اتفاق بينهم وبين الإخوة في حماة وحلب سنوافق عليه وسنعطي البيعة للقيادة المتفق عليها مهما كان نوعها فنحن إخوة مقاتلون لنا أهداف محددة ولاوقت لدينا نضيعه في مناقشات لم نكن نتدخل فيها سابقا .
ـ واستمرت النقاشات الطولية عبر الأخ المراسل أبي الفرج الذي نقل إلينا إصرار الإخوة خارج سورية على إعطائهم قيادة العمل في دمشق أما نحن فأخبرناهم بأننا لن نسعى إلى انشقاق في صفوف الطليعة المقاتلة بسورية ولن نعطي ولاءنا إلا لقيادة ميدانية واحدة في الوقت الحالي وهي قيادة الأخ هشام جنباز وإخوانه وأعدنا رأينا بأن أي اتفاق مع الأخ هشام سوف نوافق عليه وأبلغناهم بأنه لا مانع لدينا من تكلمهم باسم المجاهدين وإصدار نشرة النذير باسم المجاهدين لأننا نثق بأن الاتفاق لابد أن يتحقق في النهاية وانتهى الأمر عند هذا الحد .
مجموعات جديدة في مدينة دمشق
نعود إلى قضيتنا الأخرى فيما يخص موضوع إنزال المجموعات الجديدة إلى دمشق , قبل سفر الأخ غالب كان الإخوة قد أنزلوا إلى دمشق عدة مجموعات معظم عناصرها من غير الدمشقيين وقد علمنا بذلك وشددنا على الأخ غالب أن يطلب من الإخوة هناك إيقاف نزول المجموعات لأن الفوضى سوف تعم في دمشق وسيؤدي تشكيل تنظيم جديد إلى تدميره مع تنظيمنا أيضآ , وعاد الأخ غالب من سفره وهو يحمل اقتراحا من الإخوة في الخارج يعرضون فيه تشكيل قيادة مشتركة في دمشق تضم خمسة عناصر اثنان من الطليعة المقاتلة وآخران من العناصر التي أنزلوها إلى دمشق واقترحوا الأخ غالب آلوسي أميرا لهذا التنظيم ورفضنا هذا الأمر لعدة أسباب :
1ـ إننا لا نثق في عملنا العسكري بأناس لا نعرفهم كل المعرفة إن هذا الموضوع على درجة كبيرة من الخطورة وتجربتنا المريرة مع المجرم مصطفى جيرو لم تنمح بعد من ذاكرتنا , إذا فنظرتنا إلى هذا الأمر كانت واضحة إذ يكفي أن يندس أحد عناصر السلطة الذين باعوا دينهم بثمن بخس داخل التنظيم حتى يقضي على التنظيم , وكان رأينا النهائي :} إننا لن نقبل في تنظيمنا إلا إخوة دمشقيين معروف تاريخهم لدينا { وقد برهنت الأيام على صحة نظرتنا وسيرد تفصيل ذلك خلال الأحداث المريرة التي أعقبت هذه المناقشات.
2ـ ومع أننا نكن كل الود والاحترام والتقدير للأخ غالب آلوسي إلا أنه أخ حديث عهد بحمل السلاح كما أنه خرج من السجن منذ فترة قصيرة وإن قيادة التنظيم المسلح تختلف جذريا عن قيادات التنظيمات الفكرية ولن يتمكن من إعطائها حقها إلا إخوة عركتهم التجارب والمحن ولم يغيبوا عن تطورها لحظة واحدة من الزمن , إن أي قرار خاطئ تصدره القيادة سوف يتسبب بكوارث لا يعلم إلا الله مداها , ولم يكن الأخ غالب غافلا عن هذا الأمر لذلك لم يكن يرغب بتحمل أعباء هذه المسؤولية .
التنظيم الجديد وبدء الكارثة
نعود لنذكر تحرر الإخوة السبعة عشر من سجن كفر سوسة فمعظم هؤلاء الإخوة من العناصر المسؤولة داخل تنظيم الإخوان المسلمين مركز حلب وانضم عشرة منهم إلى التنظيم العسكري الجديد الذي دعم بأعداد كبيرة من المطلوبين الذين أنزلوا إلى دمشق وتم شراء عدد كبير من البيوت وأنفقت مبالغ طائلة لتجهيز هذا التنظيم ووضع الأخ عمر مرقة الذي أتى إلى دمشق كمسؤول عسكري للتنظيم الجديد بينما عين الأخ غالب آلوسي أميرا لهذا التنظيم الذي أصبح كيانا قائما بذاته وأمرا واقعا لا جدال فيه ومن هنا كانت البداية لمرحلة جديدة يمر بها العمل الجهادي المسلح في مدينة دمشق وبدأت الدلائل على حصول الكارثة تتوالى وظهر الخطر الكبير الذي يتهدد المسلمين في مدينة دمشق بشكل واضح , وكانت الأحداث من بدايتها تشير إلى الانهيار السريع للتنظيم الجديد فعناصر المجموعات الجديدة اتصلوا بكثير من المتعاطفين عن طريق معارفهم في دمشق وقاموا بدعوتهم للانضمام إلى المجاهدين مدعين بأنهم نفس التنظيم الذي نفذ العمليات السابقة وقد استجاب لهم كثير من المتعاطفين مع العمل الجهادي المسلح .
لقد كنا نعرف هؤلاء المتعاطفين مع العمل الجهادي المسلح ونقوم بعملية دمجهم بالتدريج حسب قدرتنا على الاستيعاب وهنا ظهر التداخل بين تنظيمنا والتنظيم الجديد وانكشف عدد من إخواننا أمام عناصرهم في زحمة الفوضى الحاصلة كل يوم .
لقد تمكن عناصر التنظيم الجديد من الاتصال بأعداد كبيرة من الناس التي لم ترتبط بالتنظيم المسلح الربط الصحيح لانعدام الإخوة الأكفاء حركيا فالتنظيم الجديد لا يملك أمثال هؤلاء ضمن صفوفه أما نحن فقد كنا منهمكين بعمليات التنفيذ من جهة وعمليات بناء الإخوة الذين انضموا إلينا في بداية 1980 .
وراح التنظيم الجديد يستغل عملياتنا ونجاحها أمام الناس لينسبها إلى نفسه ولم تقف الأمور عند هذا الحد فحسب بل ازدادت الأوضاع سوءا بعد توزيع نشرة النذير التي أدت لاعتقال أعداد كبيرة من الناس بسببها وبدأت تصورات الإخوة في التنظيم الجديد تتضح على الساحة لمن يراقب الأحداث وتطورها , لقد توهم الإخوة المسؤولون أن باستطاعتهم إسقاط النظام بعد تنفيذ سلسلة من العمليات الناجحة ..
ماذا فعلنا للإنقاذ
لم تكن هذه الأوضاع لتخفى علينا وقد عرفنا النهاية المأساوية للتنظيم الجديد من خلال تجربتنا الطويلة في حرب النظام ومن خلال هذه المعرفة انطلقنا لإنقاذ ما نقدر على إنقاذه وتحركنا لوقف التدهور السريع الذي يسير إليه التنظيم الجديد فوضعت لقاءا يوميا مع الأخ غالب من أجل متابعة الأوضاع وتنسيق المواقف والأعمال وقد أخبرني بكل صراحة أنه لم يقبل إمارة التنظيم الجديد إلا لوضع خطة موحدة لتنسيق المواقف معنا وتلافي الأخطار المحتملة
لقد كان الأخ غالب يعرف خطورة الموقف في مثل هذه الأوضاع لذلك كان يعمل بكل ما أوتي من قوة لتفادي الانهيار إلا أن زمام الأمور أفلت من يديه وتيار الحماس الفوضوي المتدفق تفوق على صوت العقل والحكمة , واستمر الانهيار .
لم يقتصر عملنا على تنبيه الإخوة في التنظيم الجديد لخطورة تصرفاتهم بل قمنا بإرسال الرسائل إلى الإخوة في حماة وإلى الإخوة خارج سورية نعلمهم فيها بما يدور على الساحة من أحداث فما كان جواب الإخوة خارج سورية إلا أن طرحوا موضوع الولاء والبيعة من جديد , ولم تثمر هذه الخطوة التي قمنا بها شيئا وبدأت الكارثة المتوقعة حين أخبرني الأخ غالب عن عزم الإخوة على البدء في التنفيذ ضد السلطة .
رغم ذلك فإننا لم نيأس من إيجاد أي حل نحصر فيه نطاق الكارثة فقدمن عدة اقتراحات رفضت على التوالي :
الاقتراح الأول : إعلامنا بطبيعة الأهداف وأماكن تنفيذها .
الاقتراح الثاني : تقسيم المدينة إلى قطاعات متميزة يتسلم كل تنظيم عددا من هذه القطاعات وله الحرية في التحرك والتنفيذ في قطاعاته دون إعلام التنظيم الآخر .
الاقتراح الثالث : تقسيم زمن التنفيذ أسبوع لنا وآخر لهم يستطيع كل تنظيم خلال أسبوعه أن ينفذ ما شاء من عمليات
هذه الاقتراحات رفضت بشكل كامل وأخبرني الأخ غالب أن التنظيم الجديد قد وزع عناصره وقواعده على ساحة دمشق بكاملها وأن أعدادهم كبيرة وإمكانياتهم ضخمة وأنهم يسعون إلى نوع جديد من التنفيذ داخل دمشق لم تشهد له سورية من قبل مثيلا .
كان الأخ غالب يتحدث بمرارة عما يدور من تطورات وكان شديد الخوف على مجاهدينا فهو العارف بنوعيتهم وإمكانياتهم وقدراتهم العالية وبدا واضحا للعيان أن الإخوة في التنظيم الجديد قد تجاهلوا وجودنا على الساحة بشكل كامل وأضحى الكلام عن كثرة الأعداد وضخامة الإمكانيات هو الأمر المعول عليه .
وكم كانت رغبتنا كبيرة في أن نصل مع الإخوة في التنظيم الجديد إلى أي اتفاق يمنع إراقة دماء المجاهدين الزكية , لقد أعطت هذه الأخطاء السلطة فرصة ذهبية للإنتقام من الإخوان المسلمين وذلك حين بدأت المذبحة الرهيبة ضمن صفوف الشباب المسلم في دمشق .
ومرة أخرى بعثنا برسالة إلى قيادة الإخوان المسلمين خارج سورية نخبرهم فيها أن القيادة العسكرية للتنظيم الذي أرسلوه إلى دمشق عازمة على التنفيذ وشرحنا لهم خطورة الموقف وأن هذا العمل سوف يقضي على الجميع وبينا لهم أن دماءنا ودماء مجاهدينا أمانة في أعناقهم فليتحملوا مسؤولياتهم أمام الله عزوجل ولينظروا إلى ما سيكتبه التاريخ عن هذه المسؤولية وأخبرناهم بأننا سنسعى للضغط على الإخوة في حماة وحلب للاتفاق سريعا حول تخويلهم للتكلم نيابة عن المجاهدين في سوريا .
ولم يجد كل هذا نفعا وكان الرد كالتالي :
“إنكم لا تستطيعون منع الناس من الجهاد في سبيل الله لقد آن الآوان لتشكيل مجلس قيادة ثورة عارمة يضم كافة الأطراف العاملة على الساحة الدمشقية وبينوا عزمهم على التنفيذ”
ونشير هنا إلى أن المساعدات التي كانت تقدم إلينا قد قطعت عنا منذ بداية المناقشات وكانت لنا محاولة أخرى لتفادي المجزرة حين طلبت من الأخ غالب أن يجمعني مع الأخ عمر مرقة المسؤول العسكري للتنظيم الجديد للتفاهم معه حول مايجري من أحداث ولم يحصل هذا اللقاء وسبق السيف العذل فقد بدأت المجزرة التي خشينا من حدوثها واتخذنا شتى الأسباب والأساليب المتاحة لنا لتجنبها .
وأريد هنا أن أبين مرحلة عصيبة مر بها المجاهدون في دمشق ما زالت تقطر دما من إخواننا الشهداء ونحن إذ نذكر الحوادث وأرقامها لا نبغي من وراء ذلك إلا وجه الله تعالى ولكي لا تتكرر هذه المأساة في يوم من الأيام .
إن هذا التاريخ بإيجابياته وسلبياته أمانة في أعناقنا لا بد أن نؤديها ونبينها إنها تاريخ لعشرات الآلآف من الشهداء والمعتقلين والمشردين والمعذبين .
إننا بهذا الكلام لا نتجنى على أي كان …..
مجزرة مابين العيدين
لقد عرضنا الأحداث التي سبقت المذبحة عرضاموجزا تجنبنا فيها الإساءة إلى أي كان فالإخوة اجتهدوا وأخطأوا ولا نتهمهم في نياتهم أبدا وسنعرض الأحداث المقبلة ـ فترة ما بين العيدين ـ بشكل مجمل ، لقد توقفنا عن التنفيذ تماما وانصرفت اهتماماتنا وجهودنا إلى المحافظة على مجاهدينا وقواعدنا .
اعتقال الأخ طاهر الحوري
قامت السلطة بعد تحرر الإخوة من سجن كفرسوسة البالغ عددهم سبعة عشر أخا بمحاصرة قرية عين الفيجة الواقعة في وادي بردى وهي بلدة الأخ طاهر الذي نفذ عملية التهريب واعتقلت أكثر من مائة شاب من الشباب المتدينين وأودعتهم داخل سجونها كان هذا العمل هو ردة الفعل الأولى على عملية الأخ طاهر الجريئة .
وبعد فترة من الزمن بينما كان الأخ طاهر في زيارة لأحد أصدقائه الذي تعاون مع المجرم محمد ناصيف مقابل عدم اعتقاله ، تم اعتقاله حال دخوله المنزل .
أشرف على هذه العملية المخبر المعروف عصام قشلان وهو تاجر في الحريقة ومن كبار مخبريها .
اعتراف على ثلاث قواعد
هنا بدأت المجزرة فقد اعترف الأخ طاهر تحت التعذيب الشديد على ثلاثة قواعد يستخدمها الإخوة في التنظيم الجديد وتمت مداهمتها في نفس الليلة .
الأولى في منطقة وزارة التربية .
الثانية في منطقة العمارة .
الثالثة في منطقة العباسيين .
ودارت اشتباكات عنيفة بين الإخوة في هذه القواعد وبين عناصر المخابرات وقد بلغ عدد الإخوة 12 أخا على وجه التقريب وحقيقة الأمر فأنا لا أعرف أيا من هؤلاء الإخوة رحمهم الله جميعا .
أحب أن أنوه هنا إلى أمر هام يخص هذه المعلومات التي أقدمها فأنا لست واثقا من التسلسل الزمني لأغلب هذه الأحداث فقد جمعنا هذه المعلومات بأنفسنا وبوسائلنا الخاصة إذ أن الأحداث تلاحقت بشكل سريع ولم نتمكن من الاستفسار عنها من الإخوة في قادة التنظيم الجديد لأن معظمهم قد استشهدوا أو غادروا دمشق أو اعتقلوا دون أن نتمكن من الالتقاء بهم ومعرفة التفاصيل .
وفي اليوم التالي لمداهمة البيوت الثلاثة التقيت بالأخ غالب ألوسي وسألته عن هذه المداهمات فتبين لي أنه لم يسمع بها وبعد اجتماعه بالمسؤول العسكري للتنظيم الجديد الأخ عمر مرقة أخبرني أن البيوت الثلاثة تابعة لهم وأن الأخ طاهر هو الذي اعترف عليها ، فطلبت من الأخ غالب أخذ الحذر وأن ينقل رجائي إلى الإخوة بضبط النفس والتصرف بحكمة للحفاظ على ما تبقى .
تصعيد بغير أوانه
ولكن الإخوة سامحهم الله لجأوا إلى تصعيد العمليات بدلا عن معالجة الموقف بهدوء وحذر وازدادت الأحوال سوءا وتوالت المداهمات والاشتباكات والعمليات بشكل يومي واغتنمت أجهزة المخابرات هذه الفرصة للانتقام من المجاهدين فألقت بكل ثقلها داخل المدينة وحاولت توسيع الدائرة بكل ما أوتيت من قوة وبكل ما ملكت من إمكانيات واستنفرت عناصرها في شوارع المدينة ومحاورها وذلك للقضاء على الطليعة المقاتلة أيضا ضمن التخلخل الأمني الحاصل لكننا في الطليعة المقاتلة قمنا باتخاذ إجراءات أمنية مشددة سنذكر بعضها فيما بعد .
العمليات التي نفذها التنظيم الجديد
سنذكرهنا جملة العمليات التي نفذها التنظيم الجديد ثم نذكر بعد ذلك المداهمات والاشتباكات :
1ـ قتل المستخدم محمود الترياقي سائق اللواء رياض محمود الصباغ رئيس إدارة المركبات ( نفذت العملية في منطقة الميدان ـ ساحة عصفور ) .
2ـ قتل الدكتور أديب اللحام وهو أحد أكبر عملاء السلطة في حي الميدان وأدى قتله إلى اعتقال أكثر من 20 شابا من شباب الإخوان المسلمين في حي الميدان وذلك بسبب النشاط الذي أبداه أولاده المخبرين بعد مقتل أبيهم .
3ـ قتل رقيب أول سجان في منطقة سوق الحرير .
4ـ قام الإخوة في التنظيم الجديد بتنفيذ حكم الله بالمجرمين النصيريين : النقيب يوسف صالح والملازم أول يوسف دوبا وقد تمت العملية في منطقة مساكن برزة وهي من أنجح العمليات التي قاموا بتنفيذها .
5ـ قام الإخوة في التنظيم الجديد بتنفيذ حكم الله بالمجرم المخبر سائد وائلي وهو طالب في كلية الطب بجامعة حلب وقد تسبب باعتقال عدد كبير من الإخوة هنالك بسبب اندساسه ضمن الصف الإسلامي .
6ـ نفذ الإخوة في التنظيم الجديد حكم الله بالمجرم النقيب صالح نمر وهو درزي من الوحدات الخاصة وقد عرف عنه تفننه الإجرامي في إهانة الأهالي بمدينة حلب أثناء التمشيط هناك وقد قتل على الفور في منطقة مساكن برزة .
7ـ قام الإخوة في التنظيم الجديد بضرب دورية تابعة للمخابرات العسكرية في منطقة الشويكة وقد كان التنفيذ فاشلا مما أدى إلى تطويق الإخوة المنفذين حيث استشهد اثنان منهم وأصيب الثالث بجراح مختلفة نقل على إثرها إلى المستشفى أسيرا , وقد صادف تنفيذ هذه العملية مرور أحد مجاهدينا في المنطقة مما اضطره للاشتباك مع عناصر السلطة وسقط بعد ذلك شهيدا , استمر الاشتباك بكامله حوالي الساعة تقريبا اشتركت فيه أعداد كبيرة من عناصر المخابرات والشرطة العسكرية وشرطة النجدة وقد حدثت هذه العملية يوم الجمعة مساءا .
8ـ إلقاء قنبلتين يدويتين على سيارة زيل تابعة لسرايا الدفاع في شارع الثورة وانفجرت القنبلتان خارج السيارة دون إحداث أي خسائر تذكر .
ومن المحتمل أن الإخوة في التنظيم الجديد قاموا بتنفيذ عمليات أخرى لم نسمع بها لانعدام أهميتها .
القواعد التي دوهمت للتنظيم الجديد
والأن سأذكر البيوت التي دوهمت ويحتمل أيضا أن تكون بيوت أخرى قد دوهمت دون حصول إطلاق للرصاص فلم نسمع بها .
1ـ مداهمة بيت في باب الجابية حيث تنكر عناصر المخابرات بزي عمال حفريات وتمركزوا بالقرب من البيت
وعند خروج أحد الإخوة تم اعتقاله وبعد قليل اعتقل أخ آخر وحين حاولوا اعتقال الأخ الثالث تمكن من المقاومة فشعر الأخوان اللذان بقيا في المنزل ودار اشتباك بينهم وبين عناصر المخابرات استمر حوالي 20 دقيقة ثم استشهدا داخل المنزل دون علمهما بما جرى .
2ـ مداهمة بيت في منطقة المليحة ـ الغوطة الشرقية ـ استشهد فيه أحد الإخوة .
3ـ مداهمة بيت في منطقة القصور حيث استشهد أخ واحد وتمكن اثنان من الانسحاب .
4ـ مداهمة بيت في منطقة عين منين ووجد فارغا .
5 ـ مداهمة بيت في منطقة كفر سوسة استشهد فيه أربعة إخوة ووجد داخله خمسة ملايين ليرة سورية .
6 ـ مداهمة بيت في منطقة الميدان ـ منصور ـ استشهد فيه أخ واحد .
7 ـ مداهمة بيت في منطقة الشويكة ووجد خاليا .
8ـ مداهمة بيت في منطقة الميسات استشهد فيه ثلاث إخوة .
9 ـ مداهمة بيت في منطقة المزة ووجد خاليا .
10ـ مداهمة بيت في منطقة مساكن الزاهرة ـ حي الميدان ـ واستشهد فيه ثلاثة إخوة .
11 ـ مداهمة بيت في منطقة مخيم اليرموك استشهد فيه اثنان من الإخوة .
12ـ مداهمة بيت في منطقة الأكراد استشهد فيه أخ واحد .
13 ـ اعتقال اثنين من الإخوة أحدهما أمين الأصفر وقد تم اعتقاله في منطقة جسر فكتوريا إثر اعتراف أحد الإخوة
على مكان الموعد .
14 ـ اعتقال الأخ أبي الفرج سالم الحامد في كمين أمام كراجات الزبداني .
15 ـ استشهد ثلاثة إخوة في اشتباك مع مرافقة المقدم أمين العلي أثناء مرورهم بالقرب من بيته .
16 ـ مداهمة مجموعة من المستودعات المليئة بالأسلحة والمتفجرات كما صودر عدد كبير من السيارات بلغ
تعدادها خمسة عشر سيارة .
هذه لمحة موجزة عن مجمل الأحداث التي حصلت في فترة مابين العيدين وكانت موزعة بشكل يومي على هذه الفترة كنت خلالها ألتقي بالأخ غالب يوميا لأنني كنت أعرف مكان قاعدته التي يسكن بها وكم اعتصر الألم قلبه وأنا أروي له الحوادث المختلفة التي تخص تنظيمهم ولما يكن قد سمع بها بعد وكثيرا ما كنت ألح عليه لتأمين لقاء مع المسؤول العسكري لإيقاف هذه المجزرة بأي ثمن كان ولكن إرادة الله شاءت أن يستشهد الأخ عمر مرقة مع اثنين من الإخوة القياديين في اشتباك بالقرب من صالة الفيحاء الرياضية وهم يستقلون سيارة بيجو 504 وأعتقد أن سبب انكشافهم كان المخبر المجرم عبد الكريم رجب .
واعتقل المئات من الإخوة المتعاطفين الذين انضموا إلى التنظيم الجديد واستشهد عدد من الإخوة أثناء قدومهم للبيوت التي دوهمت ولم يكن لهم علم بذلك , وتوجت هذه المجزرة باستشهاد الأخ غالب آلوسي رحمه الله .
ملاحظاتنا على هذه المرحلة
لا بد بعد ذكر هذه الأحداث من تسجيل ملاحظاتنا حول تلك المرحلة وما تركته من أثار سيئة لا زلنا نعاني منها حتى اليوم .
لقد شهدت فترة مابين العيدين استنفارا أمنيا شديدا إثر المداهمات والاشتباكات والاعتقالات ففي كل يوم تسمع الانفجارات وأصوات الرصاص وفوجئ الشعب بالانحسار الكبير لعمليات المجاهدين وبالضربات العديدة التي نزلت في ساحتهم وبقصف الـ آرـ بي ـ جي ـ على بيوتهم وباستشهاد الأعداد الكبيرة منهم وبالطبع لم يكن أحد من الناس يدري بوجود التنظيم الجديد , هذه الفوضى أدت إلى :
1 ـ استشهاد عدد من إخوتنا أثناء التحرك منهم : الأخ أبوبكر ـ وليد ألوسي ـ بشار الدهان ـ سعيد أكبازلي .
2 ـ اعتقال عدد كبير من الإخوة بسبب التداخل الذي حصل بين التنظيمين لم نعرف أسماءهم بسبب استشهاد
أمرائهم ويبلغ عددهم حوالي خمسة عشر إلى عشرين أخا .
3 ـ بدأت عناصر المخابرات بالتجرؤ على الإخوة المجاهدين وصاروا يطلقون النار على كل من يشتبهون به مما أدى إلى حصول عدد من الاشتباكات بين الإخوة وعناصر المخابرات .
4 ـ اعتقال أعداد كبيرة من المتعاطفين معنا الذين رفضنا ضمهم إلينا في تلك المرحلة وتركناهم إلى مرحلة أفضل فضمهم التنظيم الجديد إليه بشكل فوضوي .
5 ـ سببت هذه الحالة انهيارا معنويا كبيرا في معنويات الشعب وعمدت السلطة إلى تصعيد عملياتها ضد الإخوة
المجاهدين فراحت تعرض صور الإخوة الشهداء على شاشة التلفزيون وهي تهدد وتتوعد كل من يساعد الإخوة المجاهدين.
وانتشرت أخبار الاعتقالات الواسعة وبدأت السلطة تزيد من وعيدها بالقضاء المبرم على كل الإخوة المجاهدين , وفي محاولة لإيقاف المجزرة أصدر الإخوة خارج سورية قرارا يقضي بانسحاب كافة العناصر التي نزلت إلى دمشق بشكل فردي فتمكن بعض الإخوة من مغادرة سورية بسلام .
وهكذا تمكنت السلطة المجرمة من القضاء على التنظيم الجديد خلال فترة شهرين من الزمن .
رحم الله إخواننا الشهداء وفرج عن المعتقلين وأعاننا على متابعة الطريق .
الأخ الشهيد غالب آلوسي
يعتبر الأخ غالب آلوسي رحمه الله من أقدم الإخوة في جماعة الإخوان المسلمين بدمشق فقد انضم إلى هذه الجماعة منذ حداثة سنه ونشأ ضمن صفوفها وتعلم في ميادينها .
كان مولده عام 1950 بحي الأكراد بدمشق في أسرة عريقة عرفت بتدينها وحبها للإسلام وكان نشاطه واسعا ضمن صفوف الشباب في منطقة الأكراد كما امتد نشاطه إلى عدد من المناطق في مدينة دمشق .
عرف بثقافته الواسعة وذكائه الشديد وكان مثالا حيا للأخ المخلص المتفاني بالعمل الإسلامي في ورعه وصفاءه الروحي وتقواه , كرس حياته في طريق الدعوة لله سبحانه وتعالى وقد اكتسب احترام الشباب حوله وودهم بلطف معشره وطلاقة لسانه وصدق حديثه .
أما عن معرفتي به فترجع إلى عام 1976 عندما حصلت بعض التداخلات بين الإخوة في تنظيمي الشيخ مروان والإخوان المسلمين وكان هذا التداخل في قسم الأخ غالب الذي كان يعالج الأمور بمنتهى الدقة والحكمة والإخلاص دون أن يوجه أي إساءة إلى شباب الشيخ مروان ولو بكلمة واحدة لهذا بدأت تنشأ بيني وبينه علاقة مودة عن بعد وكم كنت أقدر له تلك المواقف المخلصة البعيدة عن جو المهاترات الذي كان الكثير من الإخوة في تلكم الأيام ومع ذلك لم يحصل بيني وبينه أي لقاء .
وشاءت إرادة الله أن يدخل سجون السلطة عام 1978 بعد تنفيذ عملية المجرم إبراهيم النعامة مما سبب لنا أشد الحزن والألم , وحين خرج من السجن التقيت به مرارا فدارت بيننا الأحاديث الطويلة دون كلل أو ملل .
لقد استفدت من تجربته التي قضاها داخل سجون السلطة إذ أنه سجن في مهجع واحد مع الإخوة الأحباب لمدة سنتين وبذلك تمكن من معرفة قصة كل واحد منهم واعترافاته وكيفية اعتقاله وهذا ما أفادني في معرفة الحلقات المفقودة حول اعتقال الكثير من الإخوة خلال السنوات الماضية وعرفت منه الأساليب الدنيئة التي استخدمتها السلطة في تعذيب إخواننا المعتقلين .
كنت أجلس معه الساعات الطوال استمع إلى تجربة سنتين داخل سجون السلطة في مرحلة بلغ المد الجهادي أوج عنفوانه بينما بلغ إجرام السلطة حدا لم يبلغه من قبل .
لقد بينا سابقا أن الأخ غالب قد سافر إلى خارج سورية وكان سفره لسببين :
1 ـ إيصال المعلومات التي كلف بنقلها من قبل الإخوة السجناء لقيادتهم خارج سورية .
2 ـ التوسط بيننا وبين الإخوة خارج سورية في الخلاف الحاصل لوقف التأزم المستمر الذي بدا يسيطر على علاقاتنا وقد قبلنا بالإخ غالب كوسيط بيننا وبينهم وذلك لثقتنا الكبيرة فيه وبعد عودته إلى سورية أخبرنا باقتراحات الإخوة هنالك حول قضية الولاء وقضية إنزال المجموعات إلى دمشق , والحوار حول القضيتين وصل إلى طريق مسدود .
لقد صرح لي الأخ غالب أنه قبل إمارة التنظيم الجديد لمنع حدوث الأخطاء حرصا منه على التنسيق الكامل بين التنظيمين وقد وصلت آلامه حدا كبيرا حين رأى بعينيه المجازر المتوالية وهي تصيب التنظيم الجديد وأحس بأن الأمور خارجة عن يده فالإخوة في اللجنة العسكرية لم يلتزموا بأوامره وأصبحت الفوضى هي التي تتحكم بالموقف وكنت أجتمع كل يوم بالأخ غالب لإيقاف مسلسل المجازر هذا ولكن دون جدوى فقد حال تصلب الإخوة في التنظيم الجديد دون حصول التنسيق وبلغ الاستياء عند الأخ غالب أوجه حين انقطعت جميع اتصالاته مع الإخوة القياديين الذين يعتمد عليهم مباشرة في قيادة التنظيم وتبين فيما بعد أن بعضهم استشهد والبعض اعتقل والبعض الآخر غادر سورية دون أن يأذن له بذلك .
وبدأ التنظيم الجديد يعاني من سكرات الموت الأخيرة فهو بدون قيادة تحكمه أو ترشده وعناصره لا تملك أدنى درجة من الوعي وهي الغريبة عن مدينة دمشق لقد وجدت نفسها وسط المعركة عاجزة عن الحركة أمام الضغط الأمني الهائل فانتظرت مصيرها الأليم .
كان الأخ غالب يعيش مآسي وآلام عشرات الإخوة الذين استشهدوا أمام ناظريه دون أن يتمكن من عمل شئ لإنقاذهم في تنظيم يفترض أن يكون هو المسؤول عنه وذهبت كل محاولاته أدراج الرياح فالتنظيم سري وكل قسم منه مرتبط بعدد من الإخوة وقد ضاعت الخيوط الواصلة بين القيادة والعناصر باستشهاد أم اعتقال هؤلاء الإخوة وللحق أقول إن الأخ غالب قد بذل كل ما في وسعه لإنقاذ التنظيم وعرض نفسه للخطر مرارا دون جدوى , وفي إحدى المرات نجى من كمين محقق نصب له في منطقة باب السريجة إثر اعتراف أحد الإخوة عن مكان اللقاء وساعده على النجاة تصرفه الطبيعي وتغيير ملابسه وهيئته ولما التقيت به أعلمني أن هذا الموعد الذي ذهب إليه لا يعرفه سوى أحد الإخوة القياديين الذي لابد وأن يكون معتقلا .
هذا يعني بأن خيوط التنظيم قد أفلتت من يده وأن الأمور قد اختلطت بشكل كبير وبالتالي فإن تحركه أصبح خطرا عليه وأقنعته بهذا الرأي فقبل الجلوس في بيته وأنهى اتصالاته مع جميع الإخوة وانقطعت خيوط التنظيم بعد أن قدم كل ما يستطيعه لإنقاذ إخوانه وهكذا فاستمراره بتلك الحركة سيؤدي إما إلى اعتقاله أو استشهاده وفي ذلك الخطر الكبير على الطليعة المقاتلة التي يملك المعلومات الكثيرة عنها بسبب التداخلات التي حصلت في السابق .
إلتزام مع الطليعة المقاتلة
في هذه الفترة أيضا جرت مناقشات طويلة مع الأخ غالب قرر بعدها الالتزام مع الإخوة في الطليعة المقاتلة قائلا : ( أريد أن أكون جنديا أجاهد في سبيل الله ولا أريد استلام أي مسؤولية في التنظيم أرجو أن تقبلوني أخا منفذا عسى أن ننتقم لشهدائنا وننال الشهادة في سبيل الله ) .
وأنا بدوري رحبت به وأخبرته بأنه سيكون في مكانه المناسب داخل تنظيمنا , كتب بعدها الأخ غالب رسالة إلى الإخوة خارج سورية تحدث فيها عن المجزرة الأليمة التي وقعت في مدينة دمشق وعن قراره الانضمام إلى الطليعة المقاتلة في دمشق , وحين ذهب لتسليم الرسالة إلى المراسل الذي أتى من خارج سورية وقع في كمين نصبه عناصر المخابرات إثر اعتراف الأخ المراسل الذي اعتقل على الحدود .
استشهاد الأخ غالب آلوسي
ذهب الأخ غالب إلى مكان اللقاء في جامع المنصور وحين حاول الدخول إلى المسجد توقفت بالقرب منه سيارة من نوع مرسيدس كانت تسير بسرعة كبيرة وفتحت أبوابها وانقض اثنان من داخلها على الأخ غالب في محاولة للامساك بيديه ولكن الأخ غالب كان شديد الحذر والانتباه قوي البنية متين الجسم , فاستطاع أن يرمي هذين العنصرين على الأرض وأخرج من حزامه قنبلة يدوية ألقاها عليهم وانبطح أرضا فانفجرت القنبلة وقتل العنصران وأصيب ببعض الشظايا في ساقيه وحاول الانسحاب فاقتربت منه سيارة المرسيدس وفيها ثلاثة عناصر فألقى قنبلة يدوية ثانية داخل السيارة مما أدى إلى قتل العناصر الثلاثة عند ذاك بدأ الضابط الذي كان جالسا في البقالة المقابلة للمسجد بإطلاق النار على الأخ غالب الذي عاجله بطلقة من مسدسه الشمايزر فسقط على الأرض صريعا ووجد الأخ غالب نفسه مطوقا بعناصر المخابرات من كل الجهات وبدأت هذه العناصر بإطلاق النار عليه بشكل غزير فالتجأ إلى إحدى البنايات المجاورة للمسجد ودار اشتباك عنيف بينه وبين مجرمي السلطة استمر حوالي مصف ساعة صعدت بعدها روح الشهيد البطل إلى بارئها .
أسفرت هذه المعركة عن قتل سبعة عناصر من المجرمين وإصابة عدد آخر بجروح منهم ثلاثة ضباط فقد أحدهم عينه بشظية قنبلة يدوية وآخر أصيب بصدره إصابات بالغة .
لقد كان اشتباك الأخ غالب موفقا فقد تحول من كمين محكم إلى اشتباك فقد فيه ضباط المخابرات سيطرتهم على الموقف بسبب جرأة الشهيد البطل وشجاعته وتصميمه على الموت في سبيل الله , وصعدت الروح إلى بارئها بعد أن سجلت صفحة مشرقة في طريق الجهاد المقدس وعاد قتلة السلطة المجرمين إلى أوكارهم وهم يحملون قتلاهم وجرحاهم ويجرون أذيال الخيبة وراءهم إنهم أمام جسد بلا روح فما عساهم فاعلين ؟ .
ولم يطل التفكير بهم فحاولوا استغلال الحادثة لرفع معنويات عناصرهم وإغاضة الشعب المسلم في دمشق وكسر معنوياته فأوعزوا إلى وزير إعلامهم الكاذب أحمد اسكندر أحمد لاستغلال استشهاد الأخ غالب آلوسي .
تحرك أبواق السلطة
في اليوم التالي لاستشهاد الأخ غالب انطلقت أبواق السلطة القذرة ببث استشهاد الأخ غالب رحمه الله .
فالإذاعة أعلنت النبأ والتلفزيون عرض صورة الشهيد ممدا على الأرض وصدرت الصحف تحمل العناوين المختلفة :
• أجهزة الأمن تقضي على مركز دمشق لجماعة الإخوان المسلمين تماما .
• مقتل غالب آلوسي رئيس التنظيم العسكري للإخوان المسلمين في دمشق .
وهكذا كانت السلطة تحاول استغلال حادث استشهاد الأخ غالب فسخرت إعلامها الوقح أبشع استغلال لتشويه سمعته في محاولة حقيرة لإيذاء شعبنا المسلم الذي تألم كثيرا للمآسي التي حلت بالمجاهدين ولم يكن الشعب ليعلم حقيقة الموقف إذ حاول إعلام السلطة عدم التفريق بين التنظيمين واستغل انهيار التنظيم الجديد للإيحاء بالقضاء على جميع المجاهدين وخاصة الذين نفذوا العمليات السابقة في دمشق .
إن الله عزوجل مقدر الأقدار ومسير الأمور تكفل بحفظ دينه ونصر دعاته لذلك فإننا نعتقد أن السلطة المجرمة ومن ورائها كل الأنظمة الداعمة لها شرقية كانت أم غربية لن تتمكن من القضاء على مجاهدينا ما دام الله معنا يتولانا بعنايته ويحمينا برحمته.