رسالة الشهيد غالب إلى الإخوة خارج سورية
لقد تركت هذه المرحلة آثارا خطيرة جدا ونتائج سيئة انعكست على تنظيمنا وعملنا بشكل كبير وأترك الأخ غالب وهو يتحدث عن هذا الموضوع من خلال رسالته التي كتبها للإخوة خارج سورية وهذا نص الرسالة :
بسم الله الرحمن الرحين
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم . أما بعد :
الأخ الكريم : أبدأ رسالتي عما يجري هنا , وأنا الذي كان يجب أن يكون أدرى الناس بما جرى . أم أبدأ رسالتي بذكر أسماء الشهداء والمعتقلين والمشردين ؟ أم بذكر آخر الأمور قبل انقطاع الإتصال معكم ….لا أدري والله بماذا أبدأ وفي نفسي كلام كثير …كثير … لا ينتهي بمئات الصفحات واللقاءات وحسبي أنني سأبدأ بالترحم على شهدائنا الأطهار جمعهم الله وجمعنا معهم في جنانه , وبالدعاء للمعتقلين بالثبات والفرج وما ذلك على الله بعزيز .
أخي الكريم : كنت قد أرسلت لك رسالة أعلمتك فيها عن بعض ما يجري هنا من عدم ترتيب الأمور وعن صيغ للتفاهم مع عمل الشهيد (أ,ح)ولكن لم يصلني أي جواب حتى كانت المجزرة وحصل انقطاع الاتصال … وسأذكر لك بعضا مما يجري في الأيام الأخيرة عل الصورة تتضح أكثر لديكم .
بعد أن بلغني الأخ (أ,ف) بموضوع ضم (أ,ح) إلى الإدارة عقدنا نحن الأربعة ( أ,ف + أ,ح + س + أنا ) عدة جلسات مطولة بحثنا المركز وكيفية توزيع المهام فيه , وجرى ذلك بتفاهم تام والحمدلله ,ولكن الأمور تعقدت ووجهات النظر اختلفت عندما تطرقنا لموضوعين حساسين هما :
علاقتنا مع الإخوة (6 ) وكيفية التنفيذ .
وحسب خبرتي القليلة وبشهادة كل ممن التقيت معه من إخواني فإن الجميع متفقون على ضرورة التنسيق مع الإخوة (6) , وإذا الإخوة الثلاثة وأخص بالذكر (س) يضعون الشروط المستحيلة للاتفاق .
فقد كنت اتفقت مع الفاتح على عدم التنفيذ قبل إعلام (6) بموعد التنفيذ حتى لا تحدث خسائر غير متوقعة لديهم نتيجة تحركنا وكما أعلمتهم بهذا الأمر فرفضوا الالتزام به بل إن الأخ (أ,ح) رفض إخبارنا نحن الإدارة عن موعد التنفيذ وقد أبديت اعتراضي على ذلك لكن قواعد الشورى ألزمتني بقبول الأمر بعد أن صوت عليه ثلاثتهم وهكذا بدأ تنفيذ العمليات بشكل متصاعد ولأهداف بعضها غير مناسب نهائيا لا من الناحية الشرعية ولا التكتيكية , وعندما بحث الأمر مع (أ,ح) اتفقنا على أن يعلمنا مسبقا بجملة الأهداف التي ينوي ضربها ونترك له التوقيت المناسب , وبعد أربعة أيام من بدء التنفيذ حصل الشئ الذي طالما كنت أخشى حدوثه فأثناء تنفيذ عملية ضرب دورية ـ وكان التخطيط لها سيئا وغير دقيق ـ قتل اثنان من المنفذين وصادف الزمان والمكان مرور أحد الإخوة في مجلس الشورى لدى (6) كان يشتري دواء من الصيدلية ويحمل بالطبع سلاحه فأوقفه الحرس المحاصر للمكان واشتبك معهم ثم سقط شهيدا مما أدى إلى استياء الإخوة (6) وعتابهم الشديد اللاذع لي وللعمل عن عدم احترام الوعود وطالبوا بشدة بإجراء تنسيق بين العملين والذي بدت علائم عدم التنسيق باستشهاد أحد أفرادهم , فاقترحوا تقسيم المدينة إلى منطقتين يعمل كل تنظيم في أحدها أو تقسيم زمني للعمل وكل أسبوع ينفرد أحد التنظيمين للتنفيذ به ولكن رفض الاقتراحان واتهم الإخوة (6) بنياتهم وبعملهم وخاصة من الأخ (س) وبالتالي أبلغتهم بأنني لا يمكن أن أتابع بمثل هذا العمل والذي سيكون دمارا لعمل الإخوة (6) والذي بدءوه منذ سنوات وقبل أن نتبنى نحن فكرة الجهاد نظريا وعمليا وقد كنت اطلع الأخ (ع) على بعض ما يجري وبإمكانكم التباحث معه , وكان هذا الاجتماع يوم السبت 1980/8/23 على أن نلتقي يوم الإثنين واقترحت مفاوضا آخر للإخوة (6) بعد أن تبين لي استحالة أن أكون مفاوضا بين جماعتين إحداهما ألتزم بها والأخرى أقتنع بأفكارها في العمل وطلبت من (أ,ح) أن يتابع التنسيق مع الإخوة (6) على أن أرتب موعدا لذلك وكان هذا آخر العهد بالشهيد (أ,ح) رحمه الله , وفي اليوم التالي التقيت ظهرا بالأخ (أ,ف) من أجل سفر الأخ (ع) إلى ( 66 ) وكان هذا آخر العهد به أيضا وفي المساء سافرالأخ (ع) ولم أعلم عنه شيئا حتى الأن ثم تتابعت الأحداث فقد علمت أنه تم اعتقال أحد الإخوة وله أوصاف تشبه (أ,ف) عند كراجات الزبداني في منطقة الحلبوني عصر الأحد ويوم الإثنين ذهبت لمكان الموعد مع (أ,ح)و(أ,ف) فلم يأت أي منهما وعند العصر ذهبت إلى الموعد الاحتياطي فوجدت أعدادا كبيرة من الكلاب تحاصر المسجد المتفق الاجتماع فيه ولم أشعر بنفسي إلا محاطا بالكلاب وأنني أصبحت في وسط كمين وإلى الأن لا أدري كيف استطعت الخروج من بينهم سالما ولكن لله الفضل والمنة أولا وآخرا .
ولما عدت علمت أن الأخ (أ,ح) مع الأخ أبوبصير وأخ أخر قد استشهدوا في اشتباك بالقرب من الصالة الرياضية فأيقنت بأن الأخ (أ,ف) لا بد أن يكون هو الذي تكلم عن مكان الموعد في المسجد وإلا فمن أين علم الكلاب بذلك ؟ . مع أن بعض الإخوة يقولون أنه استشهد في حادثة المنصور ـ وبعدها التقيت مع الأخ (س) وأبلغته بما حصل وكان آخر لقاء يوم الخميس 1980/8/18 وبعدها لم يأت إلى الموعد المتفق عليه ولأربعة أيام متتالية فقطعت الأمل من الاتصال به أو الذهاب إلى بيته , وتتابع مسلسل كشف البيوت ونسفها من قبل السلطة بشكل مأساوي خطير ذهب ضحيته حوالي خمسين أخا بين شهيد وأسير .
أخي الكريم :
هذا بعض ما حدث في الأيام الأخيرة ولا أظن العتاب يجدي ولكن لابد من تحديد بعض النقاط :
1 ـ من المسؤول عن دماء الشهداء التي انهالت بغزارة وكأننا نملك ملايين المقاتلين وذلك خلال أيام قليلة .
2 ـ هل هناك أدنى فرصة للنجاح وللاستمرار وللعمل إذا كانت بعض العمليات وهناك اعتراضات شرعية وتكتيكية على بعض العمليات مع خسارة حوالي 50 أخا وذلك نتيجة زج إمكانيات ضخمة جدا بيد الإخوة قليلي الخبرة بأمور المعركة وخاصة ظروف العاصمة مما أدى إلى الشعور بأننا نستطيع إسقاط الدولة خلال عدة أيام ونسي الإخوة أن الدولة تملك من العتاد والرجال أكثر مما نملك بألف مرة وأن حرب العصابات خلال والمدن لا تكون بأسلوب المواجهة وإنما باستنزاف قوة العدو من خلال ضربات متعددة …
وخلال عمل الإخوة ( 6 ) منذ ثلاث سنوات وحتى الآن لم يذهب لهم إلا من جراء تنفيذ الإخوة غير المدروس وبعدم التنسيق 5 شهداء كان آخرهم وليد ألوسي ، سعيد أكبازلي ، بشار الدهان والسؤال المطروح بإلحاح من السؤول ؟ ولماذا ؟؟
لقد كان الأخ الفاتح هنا وكنت قد أخذت منه صورة ضخمة وجبارة عن العمل مع ( أ ، ح ) ثم بسفره وأنه مرهق عصبيا ويحتاج بصراحة لبعض الوقت وهذا رأي الأخوين ( أ ، ح ) و ( أ ، ف ) عند رفضهما لفكرة ضمه لإدارة المركز وبعد سفره اتضحت لي الصورة الضخمة التي كان قد رسمها لي .
1 ـ فأحد البيوت كان ثمنه 9,5 مليون ليرة ! ولما تأكدت من صحة ذلك بسؤال الأخ (أ,ح) تحسرت كم من أخ في الطليعة لا يجد مالا لاستئجار بيت يسكن فيه وهو ابن المنطقة والقادر على التحرك أكثر من أي إنسان آخر .
2 ـ هناك خمسة أو ستة بيوت مسجلة بأسماء نساء من الإخوان أو صديقاتهن ودون علمهن طبعا ؟؟ وكان الأخ (أ,ح) مستاء جدا من هذه الناحية .
3 ـ ثم حادثة توزيع 40 ألفا على أربعين أعمى بسبب المنام الذي رآه .
4 ـ وأخيرا تلك العملية التي وصفها لي أنها محكمة ومدروسة وأن النجاح مضمون 100%وأنها …وأنها ….ـ لا داعي لذكره للسرية وعندكم علم بها و800 كغ أيضا ! طبعا أنا لا أريد أن أبخس الأخ الفاتح عمله وأنه كان يعمل حوالي عشرين ساعة يوميا وهذا ما شهد به الجميع وأمور تقواه وورعه وصومه الدائم ….ولكن الحرب هي الحرب
أخي الكريم :
بعد كل ما ذكرته وإزاء هذا الواقع الأليم الذي يعيشه العمل الإسلامي وبعد فترة خمسة أشهر بذلت فيها كل جهدي في توحيد العمل وتنسيقه أجد نفسي في نقطة البدء وقد خسرت بعضا من إخواني رحمهم الله وفرج عن المعتقلين …
إزاء هذا كله وجدت نفسي أمام خيارات ثلاثة :
1ـ أن أتابع العمل كما كنت ونعيد بناء العمل الجهادي للمركز مع مواصلة محاولة التنسيق مع ) 6 ( .
2ـ العمل مع الإخوة (6) كجندي عادي في إحدى المجموعات .
3ـ أن أترك البلاد وأفرغ لعملي وعبادتي وطلب العلم .
وبعد أيام من التفكير في هذه الخيارات وصلوات الاستخارة والدعاء فقد وجدت أن ترك البلاد غير وارد نهائيا …
وأن العودة للعمل السابق يعني مسؤوليتي المباشرة عن تصفية عمل الإخوة (6 ) عسى أن يرزقني الله الشهادة بعد أن نثأر لشهدائنا الأبرار من الطغمة الكافرة .
أخي الكريم :
قد يستغرب البعض عندكم هذا الموقف ويعتبره تغير في الولاء ونكث عن العهد والبيعة . وأنا والله عشت منذ سنوات وأنا أفتخر بأنني جندي من جنود الإخوان المسلمين وسأبقى كذلك حتى الموت إن شاء الله تعالى وإذا تغير موضعي في العمل فذلك لأنني أرى …. والله أعلم أن هذا الموقع الصحيح لي ولكل أخ هنا يجب أن … وأما ولائي لجماعة الإخوان المسلمين فهو ولاء ثابت لا يتزعزع .
وختاما : أرجو أن تكونوا قد تفهمتم للوضع هنا وللظروف والملابسات التي أدت بي إلى اتخاذ هذا القرار وأن تبقى أخوتنا ومحبتنا فوق بعض الحواجز ـ التي نشكو إلى الله وجودها ـ وسأبقى كما عهدتني سابقا وكما عهدني الإخوة
أخا محبا ملتزما بدعوة الإخوان المسلمين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم ـ غالب آلوسي ـ
أهم نتائج هذه المرحلة
هنا أود أن أسجل بعض النتائج الهامة التي ظهرت إثر هذه المرحلة .
*- إن كشف السلطة لهذه الأعداد الكبيرة من البيوت المستأجرة أو المشتراة بهويات مزورة جعلها تصدر قانونا هددت فيه كل من يؤجر أو يبيع بيتا دون أن يهب إلى فروع مخابراتها للإعلام عن أسماء المستأجرين أو الشارين .
هذا القانون أدى إلى تعذر تأمين القواعد للإخوة المطلوبين وأدى إلى ترك عدد من البيوت المستأجرة التي كنا نتخذها قواعد لنا ولكن تم التغلب على هذه المشكلة بعد فترة طويلة بسكن الإخوة عند المتعاطفين معنا .
*- هذه الأحداث أدت إلى حصول اعتقالات واسعة في صفوف القاعدة الإسلامية في دمشق مما سبب المآسي الكبيرة دون تقديم أي فائدة تذكر للمسيرة الجهادية وسنفصل هذا الموضوع فيما بعد .
لقد حرصنا على عدم تمكين السلطة من البطش بالشعب وذلك بضم العناصر البعيدة عن الشبهة إلى تنظيمنا لكن هذه القاعدة اختلت بعد أن رفعت السلطة سيف الإرهاب بكل وقاحة فوق رقاب الشعب بعد أن لمست تعاطفه وحزنه على المجتهدين .
*- أما أخطر النتائج فهي محاولة السلطة عبر وسائل إعلامها القذرة الإيحاء للشعب بأنها تمكنت من تصفية المجاهدين في دمشق واستطاعت أن تقضي على الطليعة المقاتلة وذلك لزرع الخوف والوهن في قلب الشعور المقهور لإرغامه على الذل والخنوع .
استمرار الآثار السيئة
لقد استمرت آثار هذه المرحلة بعد انتهائها فترة طويلة من الزمن كان منها :
اعتقال الأخ عبد الناصر عباسي كما دوهمت قاعدة لنا أثناء هذه الأحداث واستشهد أحد الإخوة في اشتباك بمخيم اليرموك إضافة إلى استشهاد واعتقال عدد آخر من إخواننا بسبب الفوضى كما أسلفت سابقا .
وقد جرت هذه الأحداث بين 1980/8/11 ـ 1980/10/13 .
مداهمة قاعدة لنا بمنطقة شورى الجبل
إبان تصاعد الاشتباكات والمداهمات استنفرت السلطة كل عناصرها ومخبريها الذين بدءوا بالإخبار عن كل بيت أو شخص يشكون بانتمائه للمجاهدين وبتقدير من الله عزوجل كشفت السلطة قاعدة لنا في منطقة شورى الجبل فقامت أجهزة المخابرات بتطويق هذه القاعدة ودار اشتباك عنيف بين الإخوة الذين يستخدمون هذه القاعدة وبين عناصر المخابرات , بدأت العملية على النحو التالي :
قرع باب المنزل ففتح الباب الأخ محمد الشوا فدخل اثنان من عناصر المخابرات إلى المنزل وسألا عن صاحبه وهل هو مالك أم مستأجر وفجأة انقضا على الأخ محمد للإمساك بيديه وإخراجه من المنزل إلا أن بنية الأخ محمد القوية التي اكتسبها من ممارسة الرياضة الجسدية ساعدته على الإفلات منهما أما الأخ عصام الحلاق الذي كان يراقب الموقف من نافذة مجاورة فقد تمكن من قتل العنصرين بمسدسه الشمايزر وأصيب الأخ محمد بجروح طفيفة في يده عندها بدأت عناصر المخابرات التي تحاصر المنزل بإطلاق النار بشكل غزير من كل الاتجاهات على البيت , وبحركات رشيقة وسريعة تمكن الإخوة من إلقاء اثني عشر قنبلة يدوية بيده وقد نزع مسمار أمانها وهما يطلقان النار من مسدسهما بشكل سريع وتمكنا بفضل الله من اقتحام الطوق والانسحاب بسلام بينما استمرت عناصر المخابرات بإطلاق النار على المنزل مدة ساعة ونصف بعد انسحاب الأخوين .
في هذه المداهمة حصل اشتباك خاطئ بين عناصر المخابرات التي تنتمي إلى فروع مختلفة بسبب انعدام التنسيق بينها وقد قتل عشرة عناصر من المخابرات وأصيب عدد أخر بجراح مختلفة
إشتباك بمنطقة مخيم اليرموك
لاحظ أحد مخبري السلطة ثلاثة شباب يجلسون في بساتين ببيلا القريبة من منطقة المخيم طوال النهار فارتاب في أمرهم وعندما شعر الإخوة بحركاته المريبة غادروا البساتين باتجاه مخيم فلسطين ومن هناك ذهب اثنان من الإخوة إلى أحد محلات الحلاقة لقص شعرهم بينما انطلق الثالث لبعض شؤونه وظن الإخوة أنهم تخلصوا من المخبر الذي كان يتعقبهم ولكنه تمكن من اللحاق بهم إلى محل الحلاقة وبعد عشر دقائق حضر الرائد المجرم هيثم الشمعة وبرفقته ملازم أول مع عشرة عناصر في سيارتين من نوع بيجو 504 وعلى الفور دخل أربعة عناصر بإمرة الملازم أول وألقوا السلام وقبل أن يتمكن أحد من الحاضرين من رد التحية أطبق الأربعة على الأخ الجالس على كرسي الانتظار لكنه تمكن من الإفلات وشهر مسدسه وبدأ بإطلاق النار وشهر الأخ الجالس على كرسي الحلاقة مسدسه أيضا وشارك بإطلاق النار على عناصر المخابرات الذين تمركزوا مقابل باب المحل وبدءوا بإطلاق النار من مسدساتهم وتمكن الإخوة من الانسحاب بسلام بينما استشهد الأخ بسام نجيب مواليد ـ 1952 ـ دمشق ـ باب السريجة ـ رحمه الله , وقتل ضابط برتبة ملازم أول مع 3 من عناصر تابعين لفرع المجرم ناصيف كما قتل أحد الزبائن الموجودين في المحل وعلى الفور طوقت المنطقة بأعداد كبيرة من عناصر المخابرات للإمساك بالمجاهد الذي تمكن من الانسحاب .
أسماء الإخوة الذين استشهدوا
قبل الانعطاف نحو مرحلة جديدة أحب أن أسجل هنا أسماء عدد من الإخوة الذين استشهدوا أثناء الأحداث الدامية التي جرت بفترة ما بين العيدين منهم :
1. الأخ الشهيد _ حسن عبد الحي _ أبو بكر _ مواليد 1954 ـ دمشق ـ شاغور ـ استشهد عند مروره بمنطقة شويكة أثناء الاشتباك الذي حصل مع الإخوة في التنظيم الجديد .
2. الأخ الشهيد ـ وليد ألوسي ـ شقيق الأخ الشهيد غالب ألوسي وهو من مواليد دمشق ـ أكراد 1954 ـ طالب سنة سادسة بكلية الطب البشري استشهد رحمه الله أثناء دخوله إلى بناية في حي الأكراد لزيارة أحد الإخوة وصادف ذلك إحتلال عناصر المخابرات لبيت من البناية تابع للتنظيم الجديد وحال دخوله اشتبه به عناصر المخابرات مما أدى إلى اشتباكه معهم حيث أصيب بجراحات بليغة فجر نفسه بقنبلة يدوية على إثرها .
3. الأخ الشهيد ـ سعيد أكبازلي ـ دمشق ـ أكراد ـ مواليد 1955 ـ وهو ابن الشيخ أحمد أكبازلي العالم الجليل المعروف بحي الأكراد وقد استشهد أثناء مروره بمنطقة الجبة إثر اشتباك مع مرافقة المجرم محمد مسعود رئيس فرع فلسطين وكان برفقته الأخ بشار الدهان ـ دمشق ـ أكراد ـ 1959 ـ وقد امتد الاشتباك إلى منطقة الجسر الأبيض إذ دفعت السلطة بتعزيزات كبيرة إلى منطقة الحادث واستمر الاشتباك لمدة ساعة ونصف حيث استشهد الأخوان رحمهما الله بعد أن قتلا عددا من عناصر السطلة .
4. الأخ الشهيد ـ إسماعيل عيسى ـ دمشق ـ مساكن برزة ـ 1954 ـ استشهد في كمين نصبته له عناصرالسطلة إثر اعتراف على مكان اللقاء من أحد الإخوة غير الملاحقين الذي اعتقل أثناء موجة الاعتقالات التي حصلت بفترة ما بين العيدين .
5. الأخ الشهيد ـ محمود جلعو ـ
6. الأخ الشهيد ـ علاء الدين أكبازلي ـ شقيق الأخ سعيد أكبازلي .
كما استشهد عدد من الإخوة واعتقل عدد آخر لم نتمكن من معرفة أسمائهم نظرا لسرية العمل ولأن الإخوة المسؤولين عنهم قد استشهدوا بذلك انقطعت عنا بعض الخيوط .
تفجيرات في بيوت النصيريين
لقد سردنا لمحة موجزة عن الأحداث التي حصلت بين عيدي الفطر والأضحى ، لم نتمكن من التفصيل لأسباب أوضحناها سابقا .
هذه الأحداث وضعت قيادة الطليعة المقاتلة أمام منعطف خطير إذ تركت المجزرة خلفها آثارا مدمرة على العمل الجهادي في مدينة دمشق .
لقد عرفت السلطة الشيء الكثير عن أساليب الإخوة المجاهدين بمدينة دمشق وعن طرائقهم في التصدي لها ولأعوانها وعلى الرغم من كل ذلك كان لا بد للمسيرة الجهادية أن تستمر في جهادها ضد المجرم أسد ونظامه الطائفي المقيت وكان قرار القيادة في الطليعة المقاتلة بتفجير بيوت بعض المسؤولين النصيريين وذلك لعدة أسباب :
لتكذيب ادعاءات السلطة وأضاليلها حول القضاء على المجاهدين في دمشق .
لرفع الروح المعنوية لدى شعبنا الصابر الذي كان يتمزق ألما وهو يرى قواعد المجاهدين تدمر بقذائف الـ آر بي جي .
للحد من جرائم النصيريين في دمشق الذين قاموا بإيذاء المسلمين بعد أن صدقوا كلام زعمائهم بالقضاء على المجاهدين.
وكان الانذار موجها بالمتفجرات حتى يسمعها كل النصيريين وهي تدمر أوكار رؤسائهم المجرمين ، ولكي لا ينعم حافظ أسد وضباط مخابراته بثمار الأخطاء التي وقع فيها إخواننا رحمهم الله ولإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح في متابعة حرب العصابات طويلة الأمد .
وقد تم تنفيذ هذه العملية بعد استشهاد الأخ غالب آلوسي رحمه الله مباشرة , فقام مجاهدونا الأبطال بزرع عبوات ناسفة تزن كل واحدة منها 8 كغ في بيوت النصيريين التالية أسماؤهم :
1. بيت الرائد النصيري المجرم علي إسماعيل في حي الأزبكية وهو من جهاز المخابرات .
2. بيت النصيري قاصف عيسى مفتش تموين وزوج أخت المجرم محمد ناصيف رئيس فرع الأمن الداخلي .
3. منزل العقيد حسن مريشة في الميدان قائد رحبة المرسيدس بإدارة المركبات .
4. منزل العقيد حكمت بدر الجسر الأبيض .
5. منزل المجرم يحيى بكور .
6. منزل النقيب سليم جبور في حي الأزبكية .
7. منزل المساعد سليمان حسن في حي الميدان .
8. منزل الرقيب عارف إبراهيم _ دمشق _ ميدان _ جزماتية .
9. منزل خليل إبراهيم منطقة الإطفائية .
10 . منزل نقيب في السرايا في منطقة البوابة .
11 . منزل مقدم نصيري طيار من آل خير بك في منطقة مهاجرين _ شورى .
12 . منزل يستخدمه عدد من النصيريين في منطقة الشويكة .
13 . منزل يستخدمه عدد من النصيريين في منطقة العمارة قتل فيه مجموعة منهم الرائد أحمد منصور .
14 . منزل الرائد النصيري شوكت المودي في منطقة الشويكة .
هذه العمليات نفذت على عدة مراحل خلال الفترة الواقعة بين 1980/9/20 _ 1980/10/18 وكانت أصوات الانفجارات تسمع من مختلف مناطق دمشق في الصباح والمساء وكان أبناء دمشق يشاهدون آثار التدمير الذي حصل من جراء التفجير وانتشرت أخبار هذه العمليات في جميع المحافظات فكانت الرد المناسب على أكاذيب السلطة وافتراءاتها حول القضاء على الإخوة المجاهدين في دمشق , وأدى ذلك إلى رفع معنويات الشعب الذي فقد الثقة تماما بإعلام السلطة وأبواقها وعرفت السلطة كذلك أنها أمام نوع فريد من المجاهدين , إذ أننا رغم خطورة المرحلة بأحداثها الدامية التي فقدنا خلالها إخوة أعزاء استطعنا أن نصبر ونصمد ونواجه المحنة , لقد كان إخواننا أعظم من أن يقف بوجههم مجرمو السلطة ووسائلهم القمعية . لقد كانوا أشد وأصلب من أن يؤثر بهم إعلام السلطة الوقح والقائمون عليه من عبيد السلطة , إن رد الطليعة المقاتلة بهذه السرعة أكد للعالم كله أن المعركة في دمشق لم تنته بعد وأن السلطة كاذبة بادعاءاتها ولكن المحنة التي حلت بنا لم تنته أيضا فقد امتدت الأحداث الجسيمة لتشمل هذه المرحلة من جهادنا فاستشهاد العديد من إخواننا خلال المرحلة السابقة واعتقال الكثير أدى إلى حصول عدة ثغرات داخل الهيكل التنظيمي للطليعة المقاتلة .
فكان لا بد من معالجة هذا الموقف والقيام بمحاولة ترميم سريعة أثناء انشغال السلطة بعمليات التفجير السابقة إذ أنها بدأت بتركيز جهودها لحماية الأعداد الهئلة من النصيريين المقيمين بدمشق .
كمين للأخ عبد الناصر عباسي
إن عملية البناء والترميم كانت شاقة وعسيرة فقدنا خلالها عددا من إخواننا المجاهدين أيضا ففي تاريخ 12 / 10 / 1980 قامت عناصر المخابرات بنصب كمين للأخ عبد الناصر العباسي في منطقة الحلبوني إثر اعتراف أحد الإخوة غير الملاحقين على مكان اللقاء وحين وصل الأخ عبد الناصر إلى مكان اللقاء أطبقت عليه عناصر المخابرات التي موهت نفسها بلباس عمال تصليح السيارات حيث أمسك اثنان من العناصر بيدي الأخ عبد الناصر بيما قام عنصر ثالث بضربه بواسطة مطرقة خشبية على رأسه بشكل سريع فسقط الأخ عبد الناصرعلى الأرض مغشيا عليه , وتم نقله فورا إلى الفرع 215 الذي يرأسه العقيد المجرم أسعد الصباغ والذي يعمل أجيرا عند المجرم النصيري علي دوبا رئيس المخابرات العسكرية .
أثناء عملية الإمساك بالأخ عبد الناصر حاول التملص من المجرمين كما حاول انتزاع مسمار الأمان لإحدى قنابله اليدوية الموضوعة على حزامه لتفجير نفسه ولكن دون جدوى فبالرغم من قوة الأخ عبد الناصر الجسدية إلا أنه كان يجب عليه أن يحترز تماما لمثل هذه المواقف وذلك بوضع يده على مسمار الأمان لقنبلة يدوية أثناء نزوله لأي لقاء كان وحين يشعر بالخطر يتمكن من تفجير نفسه بسهولة , لكن إرادة الله شاءت أن يعتقل الأخ عبد الناصر عباسي , واستغلت السلطة هذا الوضع فأذاعت بيانا كاذبا ادعت فيه أنها قتلت الأخ عبد الناصر أثناء اشتباك بينه وبين عناصر المخابرات وعرضت صوره على شاشات التلفزيون حيث ظهر وهو ملقى على الأرض بشكل يوحي بأنه قد فارق الحياة . في البدء لم تنطل هذه الخدعة على قيادة المجاهدين في دمشق حيث اتخذت بعض الإجراءات الأمنية واضعة في حسابها اعتقال الأخ عبد الناصر عباسي ولكن نظرا لضيق الإمكانيات وصعوبة تأمين القواعد الجديدة وللالتباس الذي وقعت فيه القيادة تمت عملية إعادة الإخوة إلى القاعدتين وبعد خمسة أيام من التعذيب الإجرامي اعترف الأخ عبد الناصر على قاعدتين لنا في منطقة مخيم اليرموك وببيلا ظنا منه بأن إخوانه قد غادروا القاعدتين كما جرت العادة بعد اعتقال أي من الإخوة مهما كان حجمه في التنظيم وبالطبع لم يكن الأخ عبد الناصر يعلم عن بيان السلطة الكاذب أي شئ .
نبذة عن حياة الأخ عبد الناصر عباسي
الأخ عبد الناصر عباسي مواليد دمشق _ أكراد _ 1957 _انتظم ضمن صفوف الحركة الإسلامية منذ نعومة أظفاره حيث تمكن من الحصول على ثقافة إسلامية واسعة , كان الأخ عبد الناصر واسع النشاط في الدعوة إلى الله تعالى وهو من أقدم الإخوة الذين انتظموا في تنظيم الشيخ مروان حديد بدمشق لقد مارس الجهاد قولا وعملا ومارس التدريب العسكري ضمن المعسكرات التي أقامتها قيادة الطليعة في مدينة دمشق .
كان الأخ عبد الناصر شجاعا , ثابت القلب , قوي البنية , أمضى فترة طويلة في ممارسة الرياضة البدنية , أعلنت السلطة عن ملاحقته بشكل رسمي بعد اعتقال شقيقه الأخ عبد القادر عباسي إثر مقتل المجرم إبراهيم نعامة ووضعت صوره في الصحف والتلفزيون مع الإخوة الذين أعلنت عن جائزة 100 ألف ليرة على رؤوسهم .
وكان أيضا من ألمع الإخوة القياديين في التنظيم المسلح بمدينة دمشق فقد مارس عملية الجهاد اليومي في إدارة شؤون المجموعات كما كان يقوم بعمليات الاستطلاع المختلفة وشارك في تنفيذ العديد من عمليات التفجير والاغتيال التي نفذتها الطليعة المقاتلة بمدينة دمشق , ومن أشهر هذه العمليات :
عملية قتل الدكتور المجرم عدنان غانم ومحاولة اغتيال المجرم جميل يوسف , كما شارك في تنفيذ أول عملية تدمير لدورية مخابرات في منطقة العمارة , اشترك أيضا بعملية قتل الدكتور المجرم محمود شحادة خليل .
بالإضافة إلى اشتراكه في عمليات التفجير وحرق المؤسسات التي حصلت في بداية التنفيذ .
لقد اتصف الأخ عبد الناصر بالشجاعة والشهامة ولطف المعشر والكرم .
وشاءت إرادة الله أن نفجع بأخ من خيرة إخواننا وتجددت باعتقاله مأساة الأخ عرفان المدني والأخ ظافر بدوي ومأساة الأخ يوسف عبيد وفقد التنظيم في دمشق أحد الإخوة الأشداء الذين حملوا على عاتقهم محاربة نظام المجرم أسد .
هذا ومن المرجح أن أخانا قد لاقى ربه شهيدا في سجون المخابرات تحت التعذيب الشديد . رحم الله أخانا الشهيد وأسكنه فسيح جنانه وعهدا أمام الله نقطعه على أنفسنا للإنتقام لكل مسلم يتلوى تحت سياط التعذيب الهمجية في سجون المخابرات .