تفجير صحف النظام
بعد شهر تقريبا تمت عملية تفجير في مباني صحف النظام الثلاثة ـ تشرين ـ البعث ـ الثورة ـ وذلك في الساعة 6,30 صباحا ، أسفرت هذه العملية عن وقوع أضرار مادية لا بأس بها وبلغ وزن كل عبوة 2 كغ ، كانت الغاية من هذه العملية إعلامية بالدرجة الأولى ولم يكن يراد منها إزهاق الأرواح لذلك كانت العبوة صغيرة وأفسح المجال أمام المضللين من العاملين في مجال الإعلام للتخلي عن دعم النظام .
تركت هذه العملية السلطة مذهولة لما حدث ولم تلتقط أنفاسها حتة حصلت العملية الثالثة .
حرق مؤسسات البيع بالمفرق
كان الهدف من هذه العملية إرباك النظام وتشتيت جهوده الأمنية كي لا تنحصر اهتماماته بعمليات الاغتيال فقط ، وسارت أمور التنظيم بشكل جيد في دمشق وحلب وحماة .
في هذه الفترة نفذ الإخوة في حلب ثلاث عمليات اغتيال أذكر منها : الدكتور النصيري المجرم علي عابد العلي رئيس جامعة حلب والدكتور علي بدور .
المجرم العميد عبد الكريم رزوق
استمرت عمليات التدريب الشاقة في الجبال المحيطة بدمشق وقمنا بتدريب العناصر بالرمي على الأسلحة المتوفرة لدينا : ** مسدسات ، قنابل يدوية ، رشاشات خفيفة } إضافة إلى عمليات التفجير وزرع الألغام ، وبدأ عدد المتعاطفين بالتزايد المستمر ولم تتمكن السلطة من اعتقال أي من الإخوة المنفذين أو المنظمين ، في هذه الفترة قررت القيادة اغتيال المجرم العميد عبد الكريم رزوق قائد سلاح الصواريخ وتمت العملية أمام بيت المجرم المذكور في منطقة المزة فيلات الغربية ، نفذ العملية كل من الإخوة / بسام أرناؤوط ـ تميم الشققي ـ خليلل الشققي .
والمجرم المذكور هو أحد أعمدة النظام النصيري العميل كان كثيرا ما يؤذي العناصر الإسلامية التي تعمل تحت إمرته في الجيش .
لقد كان لهذه العملية وقع شديد على أجهزة النظام التي ذهلت من العملية وجرأتها فتكتمت على أخبارها حتى لا يزداد حماس الشعب لهذه العمليات وراحت تعتقل وتبطش بكل من تشتبه أو تظن أن له علاقة بهذه العملية وخاصة أولئك الذين يتمتعون بصفات إسلامية ممن يؤدون خدمة العلم تحت إمرة المجرم السابق الذكر .
وأنوه هنا إلى أننا كنا قد تركنا العمل في البراكات قبل شهرين من اغتيال المجرم محمد الفاضل حيث تمكنا بعون الله من إيجاد قواعد ثابتة لنا داخل مدينة دمشق .
نتيجة عمليات الاغتيال والتفجير وانتشارها في دمشق ـ حماة ـ حلب ـ زادت السلطة من ضغطها الأمني وشاءت إرادت الله أن يعتقل الأخ عبد الله الشماع بسبب اعتراف عليه من أحد المعتقلين من مدينة درعا ، وكان الأخ عبد الله الشماع في هذا الوقت يعمل في إحدى ورشات التنقيب في منطقة أبو الشامات فقد اتجهت إليه ثلاث سيارات محملة بعناصر المخابرات البالغ عددهم حوالي 30 عنصرا وعندما شعر الأخ عبد الله بالطوق حوله سارع إلى سلاحه وتبادل معهم إطلاق النار فأصيب بعدة طلقات نقل على إثرها إلى المستشفى وفتشت السلطة منزله وضبطت عددا من القنابل والوثائق ، هذا وقد تعرض الأخ عبد الله الشماع إلى صنوف مختلفة من ألوان التعذيب الوحشي إلا أنه لم يكن يعلم أي شيء عن عمليات الاغتيال ومنفذيها فرغم علاقة المودة التي بيننا إلا أننا كذا حذرين في موضوع التنفيذ لدرجة إخفاء هذا الأمر على إخواننا داخل التنظيم .
تجدد الاعتقالات
كانت الأمور تسير بسرعة كبيرة فعمليات استيعاب العناصر الجديدة مستمرة وتدريب هذه العناصر في الجبال المحيطة بدمشق كان يجري على قدم وساق وقد تسلم مهمة التدريب عدد من الإخوة منهم : يوسف عبيد والأخ بسام فرعون ، وفي أحد المعسكرات الذي كنت أشرف عليه وبعد انتهاء مدته اعتقل اثنان من الإخوة وهما في طريق العودة إلى منازلهم إذ نزلا من الباص في منطقة ساحة الأمويين بالقرب من دورية تابعة للمخابرات وكانا يحملان معهما متاع المعسكر فأثار ذلك شكوك الدورية فاستوقفهما فورا ولم يتمكنا من المقاومة بسبب وجود سلاحهما داخل الحقائب .
لقد حدث هذا الأمر نتيجة خطأ ارتكباه إذ كانت الأوامر صريحة إليهما بأن لا ينزلا من الباص إلا في منطقة البرامكة ومن هناك يتوجها إلى بيتهما والأخوين هما :
الأخ نبيل بيطار ـ مواليد ـ دمشق ـ طلياني ـ 1954 .
الأخ حكم كركوتلي ـ مواليد ـ دمشق ـ مزة ـ 1955 .
أما أنا فقد توجهت مباشرة من مكان المعسكر إلى جديدة الشيباني لألتقي بالأخ يوسف عبيد على موعد بيننا وعند اللقاء دار الحديث عن مجدريات الأمور في المعسكر وفي المساء عدت إلى دمشق حيث لاحظت أن الجو غير طبيعي فدوريات الأمن تجوب منطقة البرامكة وعناصر المخابرات منتشرة في كل مكان وبالطبع فلم أكن أعلم بخبر الاعتقال .
وفي نفس المساء ذهب الأخوان بسام فرعون وعبد الناصر عباس إلى منزل الأخ نبيل ووقف الأخ عبد الناصر في الجو يراقب العام عاد بعد ذلك حاملا معه النبأ الحزين نبأ اعتقال الأخ بسام فرعون إثر كمين نصبه رجال المخابرات في منزل الأخ نبيل بيطار ، ضبطت أجهزت الخابرات في منزل الأخ نبيل ثلاث رشاشات من نوع بورسعيد عيار 9 ملم وعددا لا بأس به من القنابل
اليدوية ( 15 ـ 20 ) قنبلة وفور اعتقال الإخوة بدأت السلطة الحاقدة بعمليات الشرسة لانتزاع المعلومات من الإخوة إلا أن صمود إخوتنا كان بطوليا حيث تمكنوا من تضليل السلطة فانحصرت اعترافاتهم بمجال محدود وهو أنهم تعرفوا إلى تاجر سلاح يدعي ( س ) فاشتروا منه بعض الأسلحة وقام بتدريبهم عليها .
وفي تلك الليلة قمنا بتبليغ كافة الإخوة الذين يعرفهم المعتقلون والبالغ عددهم ( 10 ـ 15 ) أخا بخبر الاعتقال وانتهينا من تبليغهم حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل ، وفي صباح اليوم التالي انطلقت أنا والأخ يوسف عبيد من دمشق إلى الجديدة وسرنا هناك بمحاذاة سكة القطار حيث أبصرنا الحوامات وهي تمشط منطقة المعسكر فعرفنا أن الإخوة قد اعترفوا على مكان المعسكر .
كانت عملية الاعتقال بمثابة كشف أوراق التنظيم في دمشق وكانت استنتاجات السلطة كالآتي :
1 ـ استمر تنظيم الشهيد مروان حديد بالعمل وأنه عاد للإنتعاش من جديد .
2 ـ ازدياد الشكوك حول التنظيم وحول قيامه بعمليات الاغتيال السابقة التي جرت في مدينة دمشق ، وعلى هذا الأساس صعدت التعذيب داخل السجون وزادت من ضغطها على الإخوة إلا أنهم وبعون الله لم يعترفوا على هذا الأمر .
وبعد مضي أسبوع واحد جاءني الأخ عبد الستار وسألني عن أحوال التنظيم فأخبرته بما جرى من اعتقال الإخوة وبالإجراءات التي اتخذناها بعد اعتقالهم كما أخبرته بانعدام إمكانيات التدريب في الجبال المحيطة بدمشق وأن التدريب يعتمد على جهود الإخوة الفردية وأما الرمي على الأسلحة فيختار كل إنسان منا المكان الآمن ويرمي فيه بشكل فردي وانتهى الحديث على أن الخير فيما اختاره الله عز وجل .
( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم )
تفجير مراكز تابعة للسلطة بمناسبة تجديد تسلط المجرم حافظ أسد
لم تتوقف الأخبار من السجون عن عمليات التعذيب الرهيبة التي تمارسها أجهزة السلطة اللئيمة العاجزة عن الوصول إلينا،وكم كان تحرق الإخوة شديدا وتلهفهم كبيرا للإنتقام من السلطة الجبانة التي لم تراع أبسط الحقوق الإنسانية في معاملة الأسرى .
إن هذا التعذيب الوحشي دفع الإخوان للاستمرار في استعدادهم وتدريباتهم بزيادة نشاطهم لمواجهة أخطار المرحلة المقبلة وتحمل ضغوطها الأمنية.
لقد ملك تنظيمنا في دمشق الإمكانيات اللازمة للتنفيذ ولكن تنقصه الخبرة الضرورية في التنفيذ لذلك تم الإتفاق مع تنظيم حماة للقيام بعمليات مشتركة ريثما يشتد ساعد التنظيم الدمشقي ويقوى عوده وتتمرس عناصره .
إن تنظيمنا يملك القدرة على الاستطلاع والتحرك داخل المدينة بكل سهولة ويسر لأن أفراده هم أبناء المدينة وعلى هذا الأساس نفذت أول عملية مشتركة بتاريخ 8 شباط 1977 بمناسبة إعادة انتخاب المجرم حافظ أسد لكرسي الرئاسة وكانت هذه العملية عبارة عن وضع عبوات ناسفة في المراكز التالية :
مركز حزب البعث ـ فرع الجامعة ـ
مركز حزب البعث ـ فرع الميدان ـ
مركز حزب البعث ـ الأساسي ـ
مركز حزب البعث ـ فرع المهاجرين ـ
مركز الجبهة الوطنية التقدمية .
مجلس الشعب .
كما تم إلقاء قصاصات ورقية كالتي يستعملها النظام في مدح طاغيته بالقرب من أماكن الانفجارات مكتوب عليها ( نعم للحرية ـ نعم للديمقراطية ـ نعم لوحدة الشعب ـ لا للخيانة ـ لا للعمالة ـ لا لحافظ أسد ) .
هذا وتمكن الإخوة من الانسحاب والعودة إلى منازلهم بسلام .
أحدثت الانفجارات دويا هائلا سمعه معظم سكان مدينة دمشق كما أحدثت تخريبا كبيرا في هذه الأبنية فسقط عدد من القتلى والجرحى من عناصر السلطة من جراء الانفجارات ، كما هرعت على الفور سيارات الاسعاف والنجدة إلى مناطق التفجير .
أما الإعلام العالمي فقد بدا تواطؤه الواضح مع نظام الطاغية أسد إذ تكتمت أجهزة الإعلام على هذه التفجيرات وتجاهلتها بشكل ملحوظ ، أما إعلام النظام فإنه لم يشر إلى هذه الحوادث من قريب أو بعيد فقد كان منهمكا بنقل برقيات التأييد التي تصل إلى المجرم حافظ أسد من أجهزته المتسلطة .
أما الشعب فقد استقبل العملية بكثير من الفرح والسرور وراح يتطلع إلى أولئك الذين يقومون بهذه العمليات بعين ملؤها التقدير والاعجاب ، ومن الجدير بالذكر أنه تمت في نفس الوقت وبنفس الدقيقة تفجيرات أخرى لأهداف مماثلة في حلب وحماة مما أربك النظام وترك عنده انطباعا بأن تنظيما قويا ذو قيادة واحدة هو الذي ينفذ هذه العمليات في المدن الثلاث .
يتبع ….