المجرم ابراهيم النعامة
بعد مرور شهر على تنفيذ العمليات السابقة وقع اختيار القيادة على المجرم النصيري ابراهيم نعامة لتنفيذ حكم الله فيه ، أتى الأخ عبد الستار من حماة وقال لي : إن القيادة قد اختارت إبراهيم نعامة كهدف للتنفيذ وطالبنا بالبحث عنه وإحضار استطلاعه فقمنا بالبحث والاستقصاء وبعد مرور فترة من الزمن تمكنا من معرفة بيته وعيادته ، عند ذلك قام الأخ القائد عبد الستار بوضع خطة التنفيذ الكاملة وقرر تنفيذ العملية في عيادته الكائنة بمنطقة الشهداء القريبة من ساحة عرنوس ، وعرفني على الأخ هشام جمباز الذي سيكون أميرا للعملية ، أما أنا فسأكون عنصر الحماية في هذه العملية ويوم التنفيذ انتظرت أنا والأخ هشام مدة نصف ساعة بالقرب من العيادة بعدها أتى المجرم إبراهيم نعامة وترجل من سيارته البيجو 504 ومشى نحو مدخل البناية فتبعه الأخ هشام وأطلق عليه خمس طلقات من رشاش من نوع استن مزود بكاتم للصوت واستقرت الطلقات في رأس المجرم فخر على الأرض صريعا وتمكنا نحن من الانسحاب بهدوء تام حيث كان بانتظارنا الأخ يوسف عبيد
نتائج العملية
تركت هذه العملية آثارا عميقة على النظام المتسلط وذلك لما يتمتع به المجرم المقتول من مؤهلات فهو : ابن اخت الطاغية حافظ أسد ، وعضو للقيادتين القطرية والقومية لحزب البعث ، ورئيس لجمعية الصداقة السورية السوفيتية ، كما أنه يعمل طبيبا للأسنان ويرأس مشفى المجتهد ، وهو نقيب أطباء الأسنان ، وكان عمره يوم نفذ حكم الله فيه 39 عاما .
على إثر العملية قام المجرم حافظ أسد باستدعاء اللواء ناجي جميل عضو القيادة القطرية رئيس مكتب الأمن القومي آنذاك وقال له بعصبية هوجاء :
أريدك أن تحضر الفاعلين حالا وإلا اعتبرتك مسؤولا عن هذه العملية .
فرد عليه ناجي جميل : إن هذا الأمر يسير اتصل بأخيك رفعت فيأتيك بالمنفذين فهو على علم بهذا الأمر . وهنا استشاط المجرم أسد غضبا وجن جنونه وصاح بوجه ناجي جميل : أتتهم أخي بقتل ابن أختي ، ولطمه على وجهه .
بعد هذه العملية تم تجريد ناجي جميل من كافة صلاحياته ، ووضع تحت الإقامة الجبرية وتمت تصفية المؤيدين له واستبدلوا بآخرين أشد ولاء للطاغية أسد .
وفي نفس الأسبوع قام المجرم حافظ أسد بعقد اجتماع مشترك للقيادتين القومية والقطرية للحزب وتم بحث كافة الاحتمالات المتعلقة بهوية المنفذين واتفقوا أخيرا على أن تنظيم مروان حديد هو الذي يقف وراء عمليات الاغتيال والتفجير لذلك قرروا تصفية هذا التنظيم بشكل نهائي وتواصوا للقيام بأعمال إبادة بشعة وللضرب بيد من حديد كما صرح المجرم رفعت أسد بأنه سينتقم من ألف معتقل لمقتل نعامة .
وهكذا بدأت السلطة حملة مسعورة من الملاحقات والاعتقالات فقد راحت تعتقل كل انسان تشتبه به واتسعت دائرة الاعتقالات فلم تعد تنحصر ضمن دائرة تنظيمنا المسلح بل توسعت لتشمل كل شباب المسلمين وتولى قيادة هذه الحملة المجرم عدنان الدباغ وزير داخلية النظام آنذاك بالاشتراك مع كافة فروع المخابرات .
صحيح أن هذه الاعتقالات كانت موجهة للفئات الإسلامية جمعاء إلا أن اتساع نطاقها قد أثر علينا بشكل غير مباشر إذ اعترف البعض على معرفته لأناس ينتمون إلى تنظيمنا وهكذا تم للسلطة فتح عدة ثغرات داخل تنطيمنا المسلح وبدأت من جديد عمليات الملاحقة والاعتقال .
اعتقال عدد من الإخوة
اعتقل حمادة الخياط ـ مواليد ـ دمشق ـ مهاجرين ـ 1961 .
جمال مدغمش ـ مواليد ـ دمشق ـ شيخ محي الدين ـ 1961 .
وقد اعترف تحت التعذيب الأليم على بقية أفراد أسرتها وهم الإخوة :
سامر لولو ـ مواليد ـ دمشق ـ حلبوني ـ 1960 .
محمد الشوا ـ مواليد ـ دمشق ـ مهاجرين ـ 1960 .
كما تمكنت السلطة من كشف هوية أمير المجموعة الأخ أحمد زين العابدين.
وعلى صعيد آخر اعتقلت السلطة الأخ أحمد كناكري ـ مواليد ـ 1952 ـ وهو أمير مجموعة متخرج من كلية الشريعة ، واعتقل كذلك كثير من الإخوة الذين انتسبوا إلى التنظيم وتركوه في مرحلة سابقة لأسباب مختلفة منهم :
الأخ عبد القادر عباسي ـ دمشق ـ أكراد ـ 1952 ـ خريج من كلية الشريعة .
الأخ مصطفى عيسى ـ دمشق ـ دمر ـ 1952 ـ طالب في كلية الشريعة .
الأخ حسان الحاج عثمان ـ دمشق ـ أكراد ـ 1954 ـ طالب سنة خامسة بكلية الطب البشري ، وعدد آخر من الإخوة أعرفهم بأسمائهم الحركية .
وكان بين العتقلين عدد كبير من الشباب الصغار الذين لا علم لهم بأي شيء ، وقد تمكنت السلطة في حملة الاعتقالات هذه من كشف عدد من الإخوة القياديين فقامت بمداهمة بيوت هؤلاء الإخوة .
مداهمة منزل الأخ يوسف عبيد
داهمت السلطة منزل الأخ يوسف عبيد بعد محاصرته بثلاثة أطواق وبلغ عدد المحاصرين مائتي عنصر أو أكثر حيث صعد قسم إلى سطح المنزل ووجهوا بنادقهم إلى ساحته وقاموا بإيقاظ أهل الأخ يوسف بشكل تعسفي وهم يسألون من منكم يوسف كي يطلقوا عليه النار فورا لما بلغهم عنه من شدة البأس وقوة الإيمان ، ولكن الأخ يوسف تمكن من إلقاء قنبلة يدوية عليهم وفتح باب الدار واقتحم الأطواق المحيطة بالمنزل في هجوم استشهادي وسط آلاف الطلقات المنهالة عليه من فوهات البنادق الروسية الرشاشة واصطدم أثناء انسحابه بأحد العناصر فألقاه أرضا وانتزع منه بارودته الروسية وتابع انسحابه وهو حافي القدمين فعمد زبانية النظام بعد أن أفلت الأخ يوسف منهم إلى إطلاق النار على أهله بشكل عشوائي فأصابوا أخته بطلقات في ساقها وأصابوا شقيقه منذر مواليد ـ 1960 ـ بطلقات في رجله .
أما الأخ يوسف فقد تمكن من النزول إلى دمشق والتقيت معه في أحد المنازل التي كنا نستخدمها كقاعدة للانطلاق ، وأخبرني بما حصل له في الليلة السابقة .
كذلك أتاني الأخ صلاح الدين شقير وأخبرني بأن قوة عسكرية كبيرة قامت بمداهمة منزل أهلي وتم اعتقال والدي وإخوتي ولم يبق في البيت إلا النساء والأطفال كما علمت منه عن المعاملة الوحشية التي عاملوا بها أهلي فقد مزقوا كل المفروشات وبعثروا الأثاث وفتشوا عن السلاح داخل أواني الأطعمة وحين رحلوا تركوا دوريتين في الحي لانتظاري وقد حصل الشيء نفسه للإخوة الذين انكشف أمرهم وخاصة الإخوة :
أحمد زين العابدين ـ رياض حموليلا ـ عبد الناصر عباسي ـ الذين اعتقل آباؤهم وإخوتهم كرهائن وقامت السلطة باعتقال كل مشتبه به وكل صديق لأحد الإخوة المطلوبين .
إن هذه التصرفات من قبل السلطة كانت بمثابة محاولة يائسة للوصول إلى الإخوة الذين بدا لها أن لهم دورا في عمليات الإغتيال ، وهكذا أصبحت الحرب سافرة وأصبحت الأوضاع الأمنية صعبة جدا وخاصة على الإخوة الملاحقين فقد قامت السلطة بتوزيع أسمائهم وصورهم في قائمة بالخطأ على مخبريها وأعوانها الأجراء ووضعت جائزة مقدارها 100 ألف ل . س لكل من يساهم في إلقاء القبض على واحد من الإخوة المطلوبين .
وبعد أسبوع من بدء الاعتقالات أتى الأخ القائد عبد الستار الزعيم من حماة وأخبرني عن الوضع المتردي في مدينة حماة وعن الصعوبات التي يعاني منها الإخوة هناك فالاعتقالات عمت أرجاء المدينة وأخذ الرهائن مقابل المطلوبين أصبح من الأمور المألوفة ، أما في حلب فقد كانت وطأة الأحداث أخف منها في دمشق وحماة .
واستمرت السلطة المجرمة بأعمالها الوحشية مدة ثلاثة أشهر في استنفار تام وهذه هي أطول مدة تستنفر فيها السلطة على هذه الشاكلة حيث استعملت خلالها أخس الأساليب وألأمها فعمليات المداهمة والاعتقال لم تتوقف وتعذيب الرهائن داخل السجون لم ينقطع .كما أنها ابتدعت أساليب جديدة في التضييق على أرزاق أهالي الملاحقين فسرحت من كان منهم موظفا وقطعت راتب من اعتقل .
إن هذه الأعمال التي قامت بها السلطة المجرمة لم تكن لتمر دون أن تترك آثارها السيئة على الشعب أو على تنظيمنا المسلح .
أولا : على الصعيد الشعبي :
زاد حقد الشعب على السلطة الجبانة وعرف الناس عجزها عن الوصول إلى الإخوة المجاهدين كما أنهم تأكدوا من أن الذين يقفون بوجه النظام العميل هم من أبنائهم وليسوا عملاء لهذا النظام أو ذاك كما يدعي المجرم الكذاب ، وأبدوا تعاطفا ملحوظا مع العمل المسلح وبدأت ترد إلى التنظيم المساعدات المالية والتبرعات لمحاربة النظام ومساعدة الإخوة الملاحقين ، ومن جهة أخرى عم الخوف والذعر أوساط مسؤولي السلطة وزبانيتها المجرمين فزادوا من حراساتهم ودفعوا الأموال الطائلة لحماية أنفسهم من رصاص الإخوة المجاهدين .
ثانيا : على صعيد التنظيم :
إن هذه الحملة الشعواء التي قامت بها السلطة لم تكن الأولى أو الأخيرة في تاريخ تنظيمنا المسلح فرغم حدتها وجاهليتها لم تكن لتزيد تنظيمنا إلا ترابطا وقوة وثقة بالله ـ عز وجل ـ
لقد استفاد التنظيم من هذه التجربة استفادة كاملة وخرج منها واثقا بنفسه قادرا على التحرك والتقدم وبذلك تم قطع مرحلة جديدة في حياة التنظيم المسلح .
فهذه السلطة تغضب وتتوتر أعصابها وتتهيج حنقا وغيظا فتقتل وتداهم وتأخذ الرهائن، وبذلك لم تكن أفعالها إلا ردود أفعال رعناء بينما كان تنظيمنا يتحرك لاستيعاب العناصر الجديدة من الإخوة الذين تحرك إيمانهم فانضموا إلى طريق التضحية والفداء .
كما استمر التركيز على رفع مستوى الإخوة إلى الذروة التي تطمح إليها وكان التجاوب رائعا فتحمل المسؤولية من جانب الإخوة كان كبيرا وهكذا خرج إلى الوجود جيل جديد جيل الموت في سبيل الله أحب إليه من هذه الحياة .
وأثمرت الجهود التي غرسها القائد الشهيد مروان حديد وبدأت بإعطاء ثمارها فلم يعد أحد من الإخوة يتأثر بكل ما ترتكبه السلطة من إجرام وانحصر اهتمام الإخوة بتأمين الإمكانيات اللازمة من أجل دفع العمل المسلح إلى الأمام وأصبح ذلك شغلهم الشاغل بعدما لمسوا النتائج الإيجابية لهذا العمل .
كما أن هذه الفترة شهدت تأججا كبيرا من قبل عناصر التنظيم فطلبوا من القيادة الرد السريع على ماتقوم به السطة من غدر وظلم وإرهاب وقد قمت بهذه الرغبة إلى الأخ القائد عبد الستار الذي لخص رأيه بقوله : ” لن نهاجم عدونا وهو يضع يده على الزناد ، وسننتظر قليلا ، إن حرب العصابات هي حرب الأعصاب فمن يستطيع ضبط أعصابه أكثر يحقق نتائج أفضل إن أجهزة المخابرات كانت في حالة استنفار قصوى وأي عملية جديدة سيردون عليها بقمع وحشي لذلك كان لابد من الانتظار فترة من الزمن حتى تهدأ أعصاب القيادة الموتورة للنظام الفاسد بعدها نوجه الضربة تلو الضربة إلى هذا النظام الذي سيقف مكتوف الأيدي بعد أن استنفذ سهامه دفعة واحدة .
إننا نسعى دائما لأن نكون البادئين بأي عمل نريد، وبذلك نضع السلطة دوما في مواقف ردود الأفعال وهذا ماحصل بالواقع ، فبعد مقتل المجرم إبراهيم نعامة رمت السلطة بكل ما في جعبتها من سهام دفعة واحدة وفعلت أقصى ما يمكن أن تفعله سلطة فاسدة يتربع على كرسي رئاستها مجرم موتور ، بينما استغل تنظيمنا فترة هياج السلطة باستطلاع أهداف جديدة وتحضيرها للتنفيذ وكان قرار القيادة في هذه المرحلة هو القيام بعمليات تخريب لبعض منشآت النظام هدفها :
1 : تشتيتت إمكانيات العدو وجهوده كي لا يحصر فكره بعمليات الاغتيال .
2 : زعزعة قوة النظام وإظهار ضعفه أمام الناس والعالم ، فعمليات التفجير والتخريب هي الرسائل الموجهة للناس يسمعها القريب والبعيد وهي تعبر عن رفض الإخوة المجاهدين الخضوع أمام النظام جملة وتفصيلا ..
يتبع …