استئناف التنفيذ
بعد مضي شهر على اعتقال الأخ مهدي ومارافقه من أحداث قررت قيادة المجاهدين استئناف التنفيذ ضد السلطة وأعوانها فالوضع السياسي أصبح مهيئا كما أن السلطة قد تأكدت من هوية المنفذين وأصبحت المعركة مكشوفة تماما .
جاءني الأخ عبد الستار ليخبرني بأن العمليات المسلحة ضد النظام سوف تستأنف من جديد في كاف المدن السورية بعد انقطاع دام تسعة أشهر .
لقد أظهرت السلطة إجراما كبيرا في معاملة المعتقلين وأهليهم في هذه المرحلة لذلك قررت قيادة المجاهدين في دمشق تنفيذ حكم الله في المجرم القاضي عادل ميني رئيس محكمة أمن الدولة العليا في دمشق .
ومن الجدير بالذكر أنه قد تم في فترة التوقف هذه تفجير عبوتين ناسفتين في السفارة الأمريكية أثناء ادعائها بأنها تقف سدآ منيعآ يحول دون تنفيذ مخططاتها .
سببت عملية التفجير إرباكا شديدا للنظام فسارع المجرم عدنان دباغ وزير داخلية النظام إلى السفارة الأمريكية معتذرآ لدى السفير الأمريكي عما حصل مؤكدآ أواصر الصداقة التي تربط قادة النظام مع أسيادهم في واشنطن وقد عاد إخواننا إلى قواعدهم سالمين .
المجرم عادل ميني
بعد مراقبة استمرت مدة شهر تقريبآ للمجرم عادل ميني ضبطت أوقات دخوله وخروجه من منزله كما ضبط مسار حركته وعلى هذا الأساس قام الأخ يوسف عبيد برفقة أحد الإخوة الذي كان عنصرآ للحماية بنصب كمين للمجرم أمام منزله في حي المهاجرين منطقة الشمسية وبعد ركوبه في سيارته الـ ( شفرليه) تحرك الأخ يوسف نحوه
وأطلق عليه ست رصاصات من مسدس عيار 9 ملم استقرت في أنحاء مختلفة من جسمه نقل على أثرها إلى المستشفى وخلال دقائق معدودة تمكن الإخوة من مغادرة المنطقة بينما هرعت أعداد كبيرة من عناصر المخابرات وطوقت مكان الحادث بينما انتشرت أعداد أخرى منهم وهم يحملون البنادق الروسية والـ آرـ بي ـ جي ـ مهددين كل سيارة لا تتوقف بإطلاق النار فورآ .
نتائج العملية :
تبين للسلطة أن المجاهدين قد عادوا مجددآ للتنفيذ فاتخذت إجراءات أمن مشددة تحسبآ من عمليات أخرى بينما تكتمت عن أخبار هذه العملية ولم تعلن عن فاعليها وقبل أن تستيقظ السلطة من هول الصدمة قام الإخوة في حماة وحلب بتنفيذ عدة عمليات ناجحة ضد السلطة .
بعد هذه العملية حصل اجتماع بيني وبين الأخ يوسف والأخ عبد الستار قرر الأخ عبد الستار فيه إعطاء اللجنة العسكرية في دمشق صلاحية اختيار وتنفيذ الأهداف بينما يتولى هو عملية التنسيق بين مختلف المحافظات ويحدد نوعية الهدف :
شخصية عسكرية ـ سياسية ـ دورية أمنية ـ عملية تفجير …. الخ
المجرم يحيى بكور
وهو أحد أركان النظام الطائفي يشغل منصب نقيب المهندسين الزراعيين وهو أستاذ في جامعة دمشق يدرس مادة الثقافة الإشتراكية كما أنه يمثل النظام لدى منظمة اليونسكو للأغذية وحين سئل عن قرابته من حافظ أسد أجاب :
لايوجد قرابة بيني وبين حافظ أسد ولكنه صديقي وأنا ألتقي به بشكل دائم ، والتفت إلى من حوله من الطلاب ضاحكا وقال: على كل فأنا أحمل مسدسي ولا أخشى الإغتيال .
عرف عن هذا المجرم عداءه الكبير للإسلام والمسلمين واستهزاءه بأنبياء الله عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم .
لقد تكونت معلومات كافية لدى القيادة عن هذا المجرم فقررت اغتياله بإذن الله .
وبعد مضي عشرين يومآ على العملية السابقة قام اثنان من الإخوة أحدهما الأخ أحمد زين العابدين بنصب كمين لهذا المجرم أمام منزله في حي الطلياني بدمشق وبعد انتظار دام مدة ساعة تقريبآ وصل المجرم في سيارته المرسيدس ـ 280 s ـ وحين ترجل من السيارة تقدم الأخوان نحوه وأطلقا عليه الرصاص من رشاش عيار 7 ملم ومسدس عيار 9 ملم فأصيب المجرم بحوالي 12 ـ15 طلقة وخر على الأرض متخبطآ بدمه بينما تمكن الإخوة من الانسحاب بأمان الله تعالى وكالمعتاد طوقت المخابرات المنطقة واعتقلوا المارة وفتشوا السيارات المارة بالمنطقة.
نتائج العملية :
كانت هذه العملية بمثابة الضربة الموجعة على رأس المجرم حافظ أسد الذي أسرع إلى المستشفى ليطمئن على صديقه المجرم وهو يرغي ويزبد متفوها بالكلمات البذيئة مطلقا عبارات الكفر الإلحاد مهددا متوعدا للإخوان المسلمين.
وفي مساء هذا اليوم قامت السلطة في دمشق بحملة اعتقالات اعتقل فيها الأخ زهير طبوش مواليد ـ دمشق ـ ميدان ـ 1954 ـ إلا أنه لم يكن يعلم شيئا عن شؤون التنظيم .
ازداد إجرام السلطة في حماة حيث قامت باعتقال عدد من النساء كرهائن مما أثار مشاعر الغضب والاستنكار عند الإخوة المواطنين
مهاجمة الدوريات
حصل لقاء آخر مع الأخ عبد الستار كما هي العادة بعد كل عملية وأخبرنا بأن القيادة في حماة قررت مهاجمة فرع للمخابرات واقتحامه وقتل عناصره وضباطه وطلب منا استطلاع أحد فروع المخابرات لمهاجمته فقمنا بعملية استطلاع تبين لنا بعدها أن الفروع تتمتع بحماية كبيرة وهي تقع في أماكن محروسة بشكل طبيعي حيث تتواجد بيوت المسؤولين من زبانية النظام ومرتزقتها كما أن الإمدادات تصل إليها بسرعة وعلى هذا فإن مهاجمة أي فرع بالطريقة التقليدية أي بالرشاشات والقنابل ستؤدي إلى استشهاد الإخوة المنفذين دون تحقيق النتائج المرجوة وبعد مناقشات ومداولات تقرر مهاجمة الدوريات السيارة لعناصر المخابرات التي كانت تبث الخوف والرعب في نفوس المواطنين بما تسببه لهم من مضايقات يومية حتى أصبح المواطن لا يستطيع أن ينظر إلى هذه الدوريات .
دورية العمارة
انطلق ثلاثة من مجاهدينا وهم الإخوة :
1. أحمد زين العابدين ـ دمشق ـ مهاجرين ـ 1955 ـ .
2. عبد الناصر عباس ـ دمشق ـ أكراد ـ 1957 ـ .
لمهاجمة دورية تابعة للمخارات الجوية وبعد دراسة كافية لها قام الإخوة بمهاجمتها برشاش عيار 7 ملم كما قذفوها بقنبلتين يدويتين فاحترقت السيارة الرانج روفر وقتل العناصر الخمسة داخلها وتمكن الإخوة من الانسحاب سالمين بفضل الله .
في نفس الوقت قامت مجموعة أخرى بزرع عبوات ناسفة تزن كل واحدة منها 2 كغ في مركزي الحزب والشبيبة بمنطقة الإطفائية وبينما كانت سيارات شرطة النجدة والمخابرات تسرع لتطويق الإخوة في منطقة العمارة انفجرت العبوتان محدثتان دويا كبيرا سمعه عدد كبير من الناس في مدينة دمشق وقد أسفرا عن خسائر مادية فادحة كما سقط 15 عنصرا من عناصر السلطة بين قتيل وجريح كذلك تمكنت هذه المجموعة من الانسحاب بفضل الله .
وقد توليت مع الأخ يوسف عبيد عملية التنسيق بين هاتين العمليتين .
نتائج العمليتين :
عم الفرح والسرور بين المواظنين الذين عانوا طويلا من جرائم المخابرات وانتشرت الشائعات المختلفة حول أعداد القتلى والجرحى بينما أغلقت المحلات التجارية أبوابها في منطقة الحادث خوفآ من انتقام السلطة .
لقد تركت هاتان العمليتان السلطة مذهولة من شدة الصدمة فقد بدأت مرحلة جديدة من العمل الجهادي المسلح جاء فيها دور تصفية الحساب مع كل العناصر المؤيدة للسلطة مهما بلغ حجمها , وفي نفس الأسبوع قام الإخوة في حماة بمهاجمة فرع للمخابرات العسكرية وقتلوا عددآ كبيرآ من أفراده مستخدمين البنادق الروسية والقنابل اليدوية كما تمكن الإخوة في مدينة حلب من مهاجمة دورية للمخابرات وقتل كافة أفرادها .
دورية الدرويشية
بعد هذه العمليات صدرت الأوامر المشددة إلى عناصر الدوريات الثابتة بالوقوف أمام سياراتهم بشكل حاجز وهم يرفعون بنادقهم إلى صدور المواطنين المارين في الطرقات من أجل تفادي عمليات الإخوة المجاهدين لكن هذه الطريقة لم تسعفهم من رصاص المجاهدين فقد لجأ المجاهدون إلى ضرب الدوريات المتحركة .
إذ قام مجاهدونا الميامين بنصب كمين لدورية متحركة تابعة للمخابرات العسكرية فرع 215 في منطقة الدرويشية المؤدية إلى باب الجابية فأطلق أحد الإخوة النار عليها من رشاش عيار 7 ملم من مسافة قريبة جدآ بينما تمكن الأخ الآخر من إلقاء قنبلة يدوية داخل السيارة فقتل أربعة عناصر على الفور وعاد مجاهدونا إلى قواعدهم سالمين .
مدرسة المدفعية
شهدت هذه المرحلة تطورآ جديدآ على الساحة السورية إذ قام الإخوة في حلب بضرب عدد من الأهداف التابعة للمخابرات وأثناء تأدية إحدى العمليات استشهد اثنان من الإخوة المنفذين هما الأخ وليد العطار والأخ عصام مواصلي فعملت السلطة على توسيع دائرة الإعتقالات وقامت بإهانة أهالي المواطنين فقرر الإخوة في حلب تنفيذ العملية التي هزت أركان النظام النصيري العميل ألا وهي عملية مدرسة المدفعية التي خططلها الأخ الشهيد النقيب إبراهيم اليوسف ضابط أمن المدرسة والموجه الحزبي فيها وقد كان يخفي انتماءه للإخوان المسلمين وللتنظيم الجهادي المسلح وقد شارك في تنفيذ العملية عدد من الإخوة المجاهدين في حلب .وأسفرت هذه العملية عن قتل أعداد كبيرة من الضباط النصيريين الذين فاق عددهم المائتي ضابط .
بدأت الأخبار تنتشر والأحاديث تزداد عن حصول عملية ضخمة في مدرسة المدفعية بحلب استهدفت الضباط النصيريين وقد راودتنا الشكوك حول صحة هذه العملية إلى أن جاءنا الأخ عبد الستار الزعيم بعد ثلاثة أيام وأخبرنا بصحة الأنباء الواردة عن مدرسة المدفعية كما أكد لنا أن الإخوة في قيادة حماة لم يكونوا على بينة من أمر العملية وأنه شخصيآ لم يكن يعلم بها وأن قيادة التنظيم في حلب هي التي اجتهدت باتخاذ القرار وذلكنتيجة للجرائم المتزايدة التي يقوم بها زبانية النظام في حلب وقال بالحرف الواحد :
{ نسأل الله أن يجعل العواقب إلى خير} , وأصر على عدم تصعيد العمليات قائلآ :{ سنستمر في خطتنا القديمة وسنقوم بعمليات اغتيال كما سنضرب عناصر المخابرات بين الفينة والأخرى على سبيل التأديب فقط أما معركتنا فهي مع رؤوس النظام هؤلاء هم المجرمون وهم مسؤولون عن كل ما يحدث وأما ضربنا لعناصر المخابرات فكي يشعروا بأنهم لن يفلتوا من العقاب إذا استمروا بالانصياع لأوامر سادتهم المجرمين { , وأكد قائلآ : { إنني أخشى في حالة التصعيد أن نجر إلى معركة مكشوفة غير متكافئة مع السلطة على غرار ما حدث في مسجد السلكان بحماة عام 1964 وهذه ما تسعى إليه السلطةبكل ما أتيت من قوة } .
أما السلطة فقد قامت بحملة إعلامية مسعورة ولأول مرة ظهر المجرم عدنان دباغ على شاشة التلفزيون وهويعلن بيان صادر عن سلطته المجرمة أكد فيها ما توارد من أنباء عن مدرسة المدفعية كما اعترف بثلاثين قتيلآ وثمانين جريحآ وأعلن بأن الأخ إبراهيم اليوسف وإخوانه المجاهدين هم المسؤولون عن هذه العملية واتهمهم بالعمالة لأمريكا واسرائيل كما أنه اعترف بمسلسل الاغتيالات دفعة واحدة وراح يلصق صفاته وأسياده بهؤلاء الإخوة الأبطال كما أنه ركز اتهاماته على النظام في العراق وهدد الإخوان المسلمين بكل فصائلهم بالتصفية والتدمير وراح يعلن أشد العقوبات على كل من يتستر عليهم من المواطنين .وأعقب هذا البيان بيان آخر وضعت فيه السلطة صور عدد من الإخوة المجاهدين في حلب وأعلنت عن جائزة قدرها 100 ألف ل.س. لكل من يساعد في الوصول إلى أحد هؤلاء الإخوة وأذكر منهم الأخ عدنان عقلة والأخ الشهيد إبراهيم اليوسف .
كما تابعت السلطة حملتها الإعلامية في الراديو والتلفزيون والصحف وراحت تعتقل العلماء وتجبرهم على الظهور أمام شاشة التلفزيون للإدلاء بأقوال كاذبة بغية تشويه صورة تنظيمنا المجاهد وذهبت السلطة كذلك إلى أدعياء العلم من المنافقين الذين أخذوا يكيلون الفتاوى الغزيرة في تكفير الإخوة المجاهدين بينما تقوم السلطة وإعلامها بأخذ هذه الأقوال والمتاجرة بها .
إن هذه الحملة الشعواء التي قامت بها السلطة لم تكن لتجعل من الحق باطلآ ولم تكن لتخدع أبناء الشعب المؤمن الذين عرفوا المجاهدين بتدينهم وصدقهم وتقواهم كما عرفوا السلطة بكفرها وغدرها وفجورها وارتد كيد الساحر عليه وانطلق أبناء الشعب الأعزل يبحثون عن المجاهدين لا لتقديم العون فحسب وإنما للانضمام إلى صفوف المجاهدين .
إن عمليات الاغتيال السابقة التي طالت رؤوس النظام النصيري الكافر قد أقضت مضاجعه وبدا الخوف والرعب ظاهرآ عليهم من تلك العمليات مما أدى إلى هروب الكثير منهم خارج البلاد وكثرت الخلافات والانشقاقات بين عناصر السلطة فمنهم من يطالب بمفاوضة الإخوة المجاهدين ومنهم من يطالب بمضاعفة الإرهاب والقمع وتوسيع دائرة الاعتقالات ضد الأهالي وكان على رأس هذا الرأي المجرم رفعت أسد ، ومنهم من راح يتهم حافظ أسد وبقية أفراد عائلته لأنهم يجلسون في القصور وحولهم الحمايات الكثيفة دون أن يهتموا ببقية أفراد الطائفة الذين يتعرضون لرصاص المجاهدين , مما دفع المجرم حافظ أسد إلى إنشاء أجهزة جديدة لتخريج المرافقين وفرزهم لضباط السلطة ومجرميها , ولذلك فإن المواجهة المكشوفة مع الإخوة المجاهدين ستتيح للسلطة استخدام الأعداد الكبيرة من العناصر التي تحت أيديها والتي لم يكن لها عمل بالسابق .
إن باستطاعة السلطة التفوق في مثل هذه المعارك فهي تملك الإمكانيات والأعداد الكبيرة من العناصر التي يمكنها أن تزج بهم في المعارك دون أن تخشى على مصيرهم وبذلك تظل رؤوس أركان النظام بمنأى عن الخطر .
إن التصعيد الذي قامت به السلطة وملاحقة الأعداد الكبيرة من شباب الإخوان المسلمين في مدينة حلب من جراء الإعتقالات والإعترافات وانضمام أعداد كبيرة من الشباب الإسلامي إلى التنظيم المسلح زاد في تسارع الأحداث في حلب وبدا الفرق يتضح بين العمليات في مدينة حلب وبين العمليات في مدينتي حماة ودمشق .
هنا بدأ التوازن الذي كان يسير عليه التنظيم بالاختلال كما بدأت علائم انعدام التنسيق بالظهور ونترك تفصيل هذا الأمر للإخوة في حلب فهم أدرى بعدد العمليات والاشتباكات التي حصلت .
أما الأخ القائد عبد الستار الزعيم رحمه الله وكما فهمنا منه فقد كان يصر على عدم التصعيد العسكري لكي لا نقع في منزلق خطير لا نستطيع التنبؤ بأبعاده , وبهذا الوعي تمكن الإخوة بفضل الله من تفشيل كافة مخططات السلطة وقررت القيادة الاستمرار بمسلسل الاغتيالات .
يتبع ….