الرئيسية / قراءة في كتاب / على ثرى دمشق

على ثرى دمشق

عودة التنفيذ

بعد شهر من اعتقال الأخ يوسف نقل من المستشفى إلى الآمرية حيث بدأت عملية التعذيب الرهيبة , لقد عذب تعذيبآ شديدآ كالذي لقيه الشهيد مروان حديد وكانت أخبار تعذيبه داخل زنازين السلطة تصلنا باستمرار ولن نتمكن هنا من ذكر أي شئ عن نتائج تعذيبه واعترافاته وذلك للضرورات الأمنية الخاصة إلا أن السلطة علمت أننا في تنظيم دمشق لا نريد في تلك الفترة تصعيد الأحداث أو تأزيم الأوضاع , فظنت أن موقفنا هذا ناتج عن لين أو تساهل معها فحاولت استمالة المجاهدين في دمشق والتفاوض معهم لشق الصف الواحد وقد ظهر هذا الأمر جليآ من خلال المقابلة التي بثها تلفزيون السلطة مع الأخ يوسف بعد مرور سبعة أشهر على اعتقاله .

أما قيادة المجاهدين في دمشق فلم تكن لتضعف أو تلين أمام طغيان المتسلطين الحاقدين فما أن خف استنفار السلطة في دمشق حتى قررت القيادة استئناف التنفيذ وذلك أثناء حدوث التمشيط في حماة وحلب .

تفجيرات في بعض مراكز السلطة

قام مجاهدونا الميامين في 1980/4/14 الساعة السابعة مساءآ بزرع ثلاث عبوات ناسفة في الأماكن التالية :

1 ـ مركز لشبيبة الثورة التابعة للنظام .

2 ـ مركز طلائع البعث في أبي رمانة .

3 ـ مركز البريد في ساحة شمدين .

كما قام مجاهدونا في الوقت ذاته بمهاجمة فرعي شبيبة الثورة والحزب في منطقة الإطفائية بالقنابل اليدوية فسقط أربعة من زبانية السلطة بين قتيل وجريح .

إن السبب الذي جعلنا نختار عمليات التفجير عن سواها من العمليات هو التكتم الإعلامي الشديد حول جرائم السلطة في مدينتي حماة وحلب أثناء التمشيط فعمليات التفجير يسمعها الداني والقاصي ومن الصعب جدآ على الإعلام أن يتكتم عليها , ومع ذلك فقد خرس الإعلام العالمي المتواطئ مع السلطة إذ لم يشر من قريب أو بعيد إلى هذه العمليات أما السلطة فقد اعتبرت هذا العمل خطوة خطيرة ضدها فالأخ يوسف عبيد في اعترافاته أخبر السلطة أن قيادة التنظيم في دمشق لم تكن ترغب بتصعيد العمليات وأنها تؤثر التروي فتوهمت السلطة أن الإخوة في دمشق سيتوقفون عن التنفيذ , إذآ فخطورة هذه الخطوة تكمن في أمرين أساسيين :

1ـ أن الإخوة في دمشق لم يتوقفوا عن التنفيذ كما توهمت .

2ـ أن قيادة المجاهدين تجاوزت المرحلة الصعبة الناجمة عن اعتقال الأخ يوسف .

تجدد الاعتقالات

ومرة ثانية وقعت السلطة في وهم خاطئ بسبب بساطة الأهداف وسهولة تنفيذها فظنت أن تنظيم المجاهدين بدمشق قد بلغ حدآ من الضعف لا يمكنه من القيام بأعمال قوية كالسابق , ومع ذلك فقد أرادت السلطة أن تقضي على العمل المسلح بشكل نهائي فانطلقت أجهزتها المجرمة لتداهم الشباب الإسلامي بدمشق ونتيجة لبعض الأخطاء التي ارتكبها الإخوة استطاعت السلطة أن تكشف عددآ من الإخوة الذين تم اعتقالهم منهم الأخ وائل أيوبي ـ مواليد ـ دمشق ـ مهاجرين ـ 1955 , وهو مهندس يؤدي الخدمة العسكرية في سرايا الدفاع برتبة ملازم , كما قامت قوة كبيرة من عناصر المخابرات بمداهمة منزل الأخ أيمن السادات الكائن في حي المهاجرين ـ شورى ـ استيقظ الأخ أيمن في الساعة الواحدة ليلآ على قرع شديد على الباب وبعد أن تأكد من وجود عناصر المخابرات أمام الباب فتح الباب وألقى قنبلة يدوية انفجرت لحينها وأدت إلى قتل وجرح كل العناصر الواقفين أمام الباب وأتبعها بقنبلة يدوية ثانية إلى مدخل البناية ثم استخدم مسدسه في اشتباك دام حوالي نصف ساعة استشهد على إثره الأخ أيمن رحمه الله بعد أن قتل ضابطآ برتبة رائد ومساعد أول وخمسة عناصر وقام المجرمون بسحب جثة الأخ الشهيد من قدميه خارج البناية مسافة مائتي متر تنفيسآ عما يختلج في صدورهم من الحقد الأسود .

الأخ أيمن السادات : مواليد ـ دمشق ـ مهاجرين ـ 1952 , يعمل مدرسآ لمادة الرياضيات في ثانوية جودت الهاشمي مما أدى إلى حزن عميق في صفوف طلابه وخوف شديد بين الأساتذة الحزبيين وعلى رأسهم المدير صبوح , وقد أدى هذا الاشتباك إلى تعرض شقيق الأخ أيمن وهو الأخ بشار السادات للملاحقة من قبل السلطة ولوحق في هذه الفترة عدد من الإخوة بينهم الأخ مصباح القاسم .

بعد حدوث العملية السابقة الذكر وما تبعها من اعتقالات وملاحقات زادت السلطة من حجم استنفارها وشددت حراساتها حول أبنيتها العامة تحسبآ من وقوع المزيد من العمليات فقررت قيادة الطليعة المقاتلة تغيير التكتيك والتحول إلى أهداف أخرى .

المجرم الروسي فولنتينو سازولا

فقام مجاهدونا بتاريخ 1980/4/24 بتنفيذ حكم الله في الخبير الروسي المجرم المقدم فولنتينو سازولا الذي يعمل في الأكاديمية العسكرية تمت العملية في سوق الخياطين وقتل الخبير على الفور وعاد مجاهدونا إلى قواعدهم سالمين .

إن الحياة التي يعيشها الإخوة المجاهدون حياة حافلة بالأحداث المختلفة وكل يوم يمر على المجاهد يتعرض فيه لضغوط نفسية وجسدية مرهقة وهو يواجه احتمالات الموت بكل لحظة من حياته وعلى هذا فإننا لم نكتب في هذا الدفتر إلا الحوادث التي ترتبت عليها النتائج الظاهرة للعيان التي رآها أو سمع بها الناس أما الحوادث اليومية فإننا لن نتعرض لها ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يكتب ثوابها للأخوة المجاهدين إنه سميع قريب مجيب الدعاء .

 الأخ الشهيد صلاح الدين شقير

في يوم الاثنين من تاريخ 1980/5/12 قامت دورية مؤلفة من أربعة عناصر تابعة لأمن السرايا بإيقاف الأخ صلاح الدين شقير مساءآ أثناء قيامه بإحدى مهماته اليومية بوابة الميدان فقام الأخ صلاح بإطلاق النار عليهم من مسدسه السريع الطلقات فقتل اثنان من عناصر الدورية على الفور وأثناء انسحابه قام أحد العناصر البعيدين عنه بإطلاق النار عليه من الخلف فأصابه في كتفه وساقه وعندما شعر الأخ أنه قد أصيب أخرج قنبلة من حزامه ونزع مسمار الأمان فيها ثم انسحب مسافة كيلو متر تقريبآ وهو يجري بسرعة في محاولة للوصول إلى منزله أو أحد المجاهدين وحين اقترب من مسجد الدقاق سقط مغشيآ عليه لكثرة ما نزف من دمائه الزكية وانفجرت القنبلة وصعدت الروح الطاهرة إلى بارئها . ولد الأخ صلاح الدين شقير في دمشق ـ حي الميدان ـ 1958 , نشأ ضمن بيئة إسلامية متمسكة بدينها حفظ القرآن الكريم في مسجد الدقاق بدمشق . التحق بالتنظيم الجهادي المسلح عام 1976 في مجموعة ضمته هو والأخ رشيد حورانية والأخ عبد الناصر قباني .

لقد كان الأخ صلاح أحد الإخوة البارزين في التنظيم من حيث صفاتهم الذاتية وقدراتهم الواسعة وعلمهم الغزير وكانت تصرفاته تعبر عن إنسان أكبر من أقرانه الذين هم في مثل عمره فهو الذي اجتمعت له أكثر الخصال الكريمة التي يمكن أن يتحلى بها شاب مؤمن بالله فقد حفظ كتاب الله وما انقطع عن تلاوته آناء الليل وأطراف النهار وكان كثير الصلاة كثير العبادة صافي القلب من غبش المعاصي .

لقد كان مثالآ فريدآ للشاب المؤمن الموصول بالله عز وجل وهذه الصفة أعطته الشجاعة والقوة والثبات في أحرج المواقف وأشدها تأثيرآ بالنفوس .

ولم يعرف الأخ الشهيد بين إخوانه إلا بحسن الخلق وطيب المعشر وكرم النفس , إضافة لهذا تميز ببنية قوية وثقافة عالية . أما لقاءاتي بالأخ صلاح ومجموعته فلم تنقطع من يوم انتسبوا إلى التنظيم وحتى صعدت أرواحهم الطاهرة إلى بارئها .

لقد مارسوا التدريب العسكري القاسي من اللحظات الأولى لالتحاقهم بالتنظيم الجهادي المسلح وحتى مقتل المجرم إبراهيم النعامة واعتمدت القيادة على هؤلاء الإخوة في تنفيذ العديد من المهام التي تقتضيها مصلحة التنظيم .

وقد زاد اعتمادي على الأخ صلاح بشكل خاص بعد اعتقال الأخ يوسف عبيد إذ أنه قام بالعديد من المهمات دون كلل أو ملل وبحماسة المعهود .

ومع أنه كان غير معروف عند السلطة إلا أنه لم يكن يترك سلاحه نظرآ لخطورة الأوضاع الأمنية وحتى لا يقع بالأسر .

ويوم استشهد رحمه الله انتشر النبأ بين الناس بسرعة كبيرة وحضرت أجهزة المخابرات والشرطة العسكرية وشرطة النجدة بدورياتها وضباطها وعناصرها إلى المنطقة في محاولة منهم لمعرفة هوية الأخ الشهيد فقد اعتقدوا بادئ الأمر أن الشهيد البطل هو أحد الإخوة الملاحقين الذين وضعت السلطة من أجلهم المائة ألف ليرة سورية ولم يخطر على بالهم أن هناك إخوة غير ملاحقين داخل التنظيم يفجرون أنفسهم حتى لا يقعوا بالأسر , وبعد أربع ساعات مضت على استشهاد الأخ صلاح تمكن المجرمون من معرفة هوية الأخ الشهيد فعمد المجرمون إلى اعتقال والده ووالدته وشقيقته كما لوحق شقيقاه وفيما بعد أفرج عن والده لشدة مرضه ولا زالت والدته وشقيقته في السجن رهن الاعتقال نسأل الله أن يرحم شهيدنا ويفرج عن أسرته .

ترك استشهاد الأخ صلاح حزنآ كبيرآ في نفوس الأهالي بمدينة دمشق وأخذ الناس يتناقلون سيرة حياته وكانت المفاجأة كبيرة باستشهاده واستشهاد الإخوة من قبله إذ نسف ذلك كل ادعاءات السلطة حول عمالة وخيانة الإخوة المجاهدين .

ومن جهة أخرى أثار استشهاد الأخ صلاح حماسآ شديدآ بين صفوف الشباب المسلم فبدأت عمليات البحث المخلصة للانضمام للتنظيم الجهادي المسلح .

وتحت تأثير الضغط الشعبي قامت السلطة بدفن الأخ صلاح في مقبرة بوابة الميدان وقبره معروف هناك ولم تكرر السلطة هذا الأمر فيما بعد بل بلغت بها الخسة والدناءة حدآ جعلها تقوم بدفن الإخوة الشهداء بأماكن سرية وبشكل جماعي دون إبلاغ ذويهم عن أماكن دفنهم وذلك في محاولة منها لطمس الآثار المباركة التي تركتها الأرواح الطاهرة .

إن إخوتنا الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون .

أحياء في ضمير شعبنا الذي لن ينسى ذكراهم أبدآ وستبقى دماؤهم الذكية تعطر مجالس المؤمنين على مدى الأيام والأزمان .

 الهروب من سجن كفرسوسة

إن حرب العصابات العنيفة التي نخوض غمارها ضد السلطة الباغية تتطلب من الإخوة المجاهدين اليقظة والحرص والحذر والاستنفار بشكل دائم مستمر كما كان البطل العظيم والمجاهد الكبير الذي لم يهزم في معركة قط سيف الله المسلول خالد بن الوليد الذي وصف بأنه :”لا ينام ولا ينيم ولا يبيت إلا على تعبئة ولا يفوته من أمر عدوه شئ” .

وقد استطاع المجاهدون أن يتمثلوا بهذه الصفات بفضل الله تعالى فعمليات الاستطلاع لم تنقطع خلال كل الظروف والتنفيذ الجرئ واستعداد الإخوة الدائم للتضحية والفداء جعل من أزلام السلطة أناسآ متوتري الأعصاب مؤرقي الأجفان لا تغن عنهم حراساتهم ولا مرافقاتهم عنهم شيئآ .

وفي ليلة 21 / 5 / 1980 تمكن سبعة عشر أخا سجينا من الفرار من سجن كفرسوسة إثر عملية ناجحة خطط لها الإخوة بذكاء بالاتفاق مع الرقيب أول طاهر الحوري أحد عناصر الإخوان المسلمين التابعين لتنظيم عدنان سعد الدين .

وفي ليلة التنفيذ بينما كان الأخ طاهر في فترة نوبته وضع كمية من الحبوب المخدرة في الشاي وقدمه لبقية العناصر التي كانت تحرس معه بعد ذلك تمكن الإخوة من انتزاع خمس بنادق روسية وعدد من المسدسات وغادروا مبنى السجن في سيارتين تسيران خلف بعضهما والبنادق مصوبة من نوافذ السيارتين كما يفعل عناصر المخابرات وخرجوا من باب السجن أمام أعين الحرس الذين لم يشعروا بشيء مريب وخلال وقت قصير كان الإخوة قد توزعوا في عدد من الأماكن التابعة لجماعة الإخوان المسلمين .

والإخوة الذين تحرروا من سجن كفرسوسة هم من أفضل العناصر والقيادات داخل تنظيم الإخوان المسلمين وكان معظمهم من مدينتي حماة وحلب والإخوة هم :

عدنان شيخوني ـ أمين الأصفر ـ سليم زنجير ـ محمد صديق شعبان ـ عبد الستار عبود ـ هيثم عقيل ـ عبد الغني صباهي ـ هيثم ملا عثمان ـ جلال الدين جلال ـ أسعد بساطة ـ نبيل حاضري ـ عادل غنوم ـ مالك عقيلي ـ جمال عقيل ـ زهير خطيب ـ أحمد ماهر قولي ـ بشير خليلي …

شعرت السلطة بتحرر الإخوة من السجن بعد حوالي ساعتين فجن جنون المجرم حافظ أسد واستشاط غيظا وغضبا فقد أمضت السلطة سنوات عديدة حتى تمكنت من اعتقال هؤلاء الإخوة وهاهم الآن يهربون دفعة واحدة .

وتحركت أجهزة المخابرات وبدأت عمليات البحث المكثفة في كل مكان وفي كل شارع ولكن دون جدوى فها هي الشوارع خالية من المارة وهذا سكون الليل مخيم على كل المناطق ، لقد تمت العملية في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل واستمر البحث عن الإخوة بقية الليل حتى الصباح ، لقد تسببت عملية هروب الإخوة المعتقلين في سجن كفرسوسة بإرهاق ضباط المخابرات إرهاقا شدسدا إذ أنهم أمضوا ليلتهم في عمليات البحث التي لم تمكنهم من النوم حتى الصباح عند ذلك توقفوا عن البحث بعد أن يئسوا من معرفة أي أثر يدل على مكان الإخوة .

مهاجمة سيارة تقل مجموعة من الخبراء الروس

وفي صباح هذا اليوم قام إخوتنا المجاهدون بنصب كمين لسيارة صالون عسكرية يستقلها المجرم النصيري الرائد عزيز العلي وثمانية من الضباط الجواسيس الروس التابعين للكتيبة 69 من سلاح الصواريخ .

توزع ثلاثة من مجاهدينا ضمن نسق واحد على امتداد 25 مترا في منطقة الفحامة ( الإطفائية ) وأثناء مرور السيارة تقدم المجاهد البطل الأخ رياض العجمي وأمطر السيارة بوابل من الرصاص من رشاشه فأصاب معظم ركاب السيارة التي تقدمت قليلا إلى الأمام وحين أصبحت بمحاذاة الأخ مازن نحلاوي أطلق عليها النار من مسدسه الرشاش عيار 9 ملم وبعد انسحاب الأخوين رياض العجمي ومازن نحلاوي ألقى الأخ المجاهد وليد طنطا عبوة ناسفة داخل السيارة التي اصطدمت بأحد أعمدة الكهرباء أسفر انفجارالعبوة عن تدمير السيارة تدميرا كاملا بينما عاد مجاهدونا الأبطال إلى قواعدهم سالمين .

وتم نقل الجواسيس الروس إلى المستشفى الذين قتل منهم ستة أشخاص كما قتل الرائد النصيري عزيز العلي والسائق النصيري فارس ناصيف والمساعد النصيري حامد غانم ، كانت هذه العملية صفعة جديدة توجه إلى رأس الكفر الطاغية حافظ أسد وقد جاءت بعد تحرر الإخوة من سجن كفرسوسة مباشرة .

أحب أن أنوه هنا إلى أننا لن نكن نعلم بخطة الإخوة السجناء للهروب وجاءت عمليتنا في هذا الوقت بتقدير من الله عز وجل .

التنسيق بين المحافظات

انتهت عميلات التمشيط في حلب وحماة ولكن آثارها ظلت وصمة عار على جبين السلطة المجرمة ومن يؤيدها في إجرامها من الدول الصليبية .

لقد تركت هذه العمليات مئات القتلى من الأبرياء والآلاف من المعتقلين ولم تكن هذه العمليات للبحث عن المجاهدين فقط ولكنها كانت عمليات انتقام من الشعب الأعزل الذي رفض كل أشكال الظلم والتسلط والاستبداد .

وكان لابد لنا من عمل منسق على صعيد المحافظات السورية جميعا عمل يجبر السلطة على الكف عن إجرامها وكان لابد من تصعيد وتيرة العمليات وتغيير نوعية الأهداف ولهذا بعد أن تم التشاور بين أعضاء القيادة في دمشق وحلب وحماة جرى تقييم الوضع العام كالآتي :

إن العمليات العسكرية التي نفذت ضد السلطة الكافرة في السابق لم تعد تتناسب مع الوضع الحاضر ومع جرائم السلطة الجبانة .

لقد استشهد المئات واعتقل الآلاف وأهين المواطنون المسلمون في كل مكان لذلك يجب علينا أن نغير نوعية الأهداف التي ننفذها ولكن كل ذلك يجب أن يتم ضمن الخطة الشاملة حرب العصابات طويلة الأمد وكانت الأهداف المقررة هي تجمعات عناصر السلطة في كل مكان .

وأنا متأكد من أنه لو لم تحدث أخطاء معينة في تنفيذ هذه الخطة لكانت الأوضاع قد أخذت منحى جديدا غير الذي سارت عليه وهذه الأخطاء سوف نشير إليها في حينها ، ولقد كانت عملية الجواسيس الروس السابقة ضمن هذه الخطة وعلى نفس الأسلوب ( حرب عصابات دون مواجهة مكشوفة ) .

اقتحام المساجد

كان من نتائج عملية الجواسيس الروس أن قامت السلطة بحملة اعتقالات واسعة وبعد فشل جهودها من الوصول إلى الإخوة المجاهدين لجأت إلى خطوة جديدة لم تتجرأ على مثلها في السابق فقد داهمت جميع المساجد في دمشق ليلا وانتهكت حرماتها ومزقت المصاحف فيها كما ألقى عناصرها الأنجاس أوساخهم في داخلها ولم يكتفوا بذلك بل قاموا باعتقال كل من وجد فيها من طلبة العلم .

لقد تمت هذه العملية في 2 / 6 / 1980 بمنتصف الليل وشارك في تنفيذها جميع مجرمي المخابرات مع عناصر من أمن السرايا .

لقد أشرف المجرم رفعت أسد على هذه العملية مع عدد كبير من رؤساء فروع المخابرات وقام المجرم الزنديق محمد الخطيب الملقب بوزير الأوقاف بوضع المخططات اللازمة لمساجد دمشق من أجل اقتحامها ، ومرة أخرى أراد الله أن يكشف النظام المتسلط أمام أعين الذين ما زالت تغشيهم الحجب بهذه الجريمة التي فاقت كل وقاحة معروفة .

ومرة أخرى ينخذل النظام وتعود أدراج الرياح إذ لم يحصل من وراء هذه الفعلة الشنيعة إلا الخزي والعار ولم يتمكن من الوصول إلى أي أخ من مجاهدينا الميامين لأننا لا نستخدم المساجد كقواعد لنا .

الهجوم على مكروباص تابع للأمن الجنائي

ولم تمض على هذه الجريمة سوى ساعات قليلة حتى قام مجاهدونا في الساعة الثامنة صباحا من نفس اليوم أي 2 / 6 / 1980 بنصب كمين في شارع ابن عساكر لمكروباص يستقله حوالي 20 عنصرا بينهم ضابط وضباط صف تابعون لفرع المخابرات الجنائية وقد قام الإخوة بإطلاق النار عليه ثم فجروه بعبوة ناسفة وعادوا إلى قواعدهم سالمين .

قتل في هذه العملية عشر عناصر وجرح الباقون جراحات مختلفة , وقد كان الأخوان عبد الناصر قباني ومصباح القاسم من المشاركين في هذه العملية .

هناك سؤال قد يتبادر إلى الأذهان وهو : ما علاقة الأمن الجنائي بالمجاهدين مع أن مهمته هي ملاحقة اللصوص والمجرمين جنائيآ؟

إن هذا الرأي ربما يكون صحيحآ للوهلة الأولى ولكن الحقيقة هي أن السلطة حاولت زج كل مالديها في حربها مع المجاهدين ففروع المخابرات وشرطة النجدة والشرطة العسكرية والشرطة الجنائية جميعها شاركت في عمليات المداهمة والتطويق والاشتباكات والكمائن لذلك فقدت هذه الفروع حيادها وأصبحت بشكل أو بآخر مسخرة لحرب المجاهدين .

تركت هذه العملية آثارآ طيبة لدى مختلف أبناء الشعب وعم الفرح والسرور وخاصة في شمال سورية وشعر الشعب أن الرد على إجرام السلطة قد بدأ بوسائل متكافئة .

هذا وقد نفذت في هذه الفترة عدة عمليات بحماة وحلب أذكر منها على سبيل المثال :

عملية مهاجمة سيارة زيل تقل 35 عنصرآ من أبناء الطائفة النصيرية على طريق مصياف نفذها مجاهدو حماة أدت هذه العملية إلى قتل وجرح معظم ركاب السيارة وعاد الإخوة إلى قواعدهم سالمين .

 إجتماع المجرم حافظ أسد بالعلماء

أمام هذه الأحداث الجديدة قام المجرم الموتور حافظ أسد بجمع كافة علماء دمشق وبطريقة هستيرية ألقى عليهم خطابآ اتهمهم فيه بمساعدة وإيواء المجاهدين وقال بأن المجاهدين كانوا من طلابهم وبالتالي فهم يعرفون عنهم الكثير من الأمور وهدد باتخاذ إجراءات قاسية في حقهم إن لم يتعاونوا معه في حربه ضد المجاهدين .

وعند نهاية هذا الاستقبال الحافل بالإهانات والمغالطات وعد بإطلاق سراح أعداد كبيرة من المعتقلين إن مكنوه من اعتقال أربعة من الإخوة المطلوبين في دمشق كانوا في قيادة التنظيم .

وبالمقابل قام العلماء بإبلاغ المجرم حافظ أسد بأن لا علاقة لهم بما يجري على الساحة السورية من أحداث وأن العمليات المنفذة ضد النظام إنما يقوم بها شباب ينتمون لجماعة الشهيد مروان حديد وهذا الأمر أصبح معروفآ لدى الناس خصوصآ بعد عملية توزيع المنشورات .

إن المجرم حافظ أسد يعرف هذه الحقيقة جيدآ ولكنه أراد بهذا الأسلوب أن يمنع أي مساعدة أو عون من علماء المسلمين إلى أبنائهم المجاهدين .

وفي سنوات لاحقة اضطر كثير من السادة العلماء إلى مغادرة سورية تحت ضغط الإهانات الدائمة التي يتلقونها من أجهزة النظام الحقيرة إثر كل عملية .

عن عبد الله

شاهد أيضاً

على ثرى دمشق_التاريخ المنسي

الحملة الإعلامية المسعورة تناقلت وكالات الأنباء العالمية والإذاعات أخبار العملية على الفور دون تحديد نوعية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *