روسيا الشيوعية تاريخ اسود بالقتل والإجرام
صراع الدب الروسي مع العالم الإسلامي وشعوبه ممتد وطويل عبر القرون ، ولا يرجع ذلك للأسباب العقدية والأيديولوجية فحسب، وإنما لأسباب تاريخية، وجيواستراتيجي. فله سجل أسود حافل بشتى صور العداء والتدافع والصراع مع أمة الإسلام من خلال احتلال أراضي المسلمين وقتلهم وتهجيرهم والتنكيل بهم، ونهب ثرواتهم ، والتحالف مع عدوهم، منذ عصر القياصرة مروراً بحقبة الاتحاد السوفيتي والإبادة الجماعية للمسلمين وتهجير الملايين إلى سيبيريا، ثم احتلال أفغانستان والخروج منها مدحورين على أيدي المجاهدين الأفغان ، ثم عهد يلتسين والذي شهد أبشع حروب التطهير العرقي والإبادة الجماعية للمسلمين في الشيشان وداغستان ،ثم عهد بوتين وميدفيدف ودعمهما لجزار أوزبكستان، وتنكيلهما بالمسلمين في موسكو وغيرها من المدن الروسية.
ولقد وعت لنا ذاكرة التاريخ ما واجهه العالم الإسلامي من ويلات الهجمات والغارات المتكررة من الاستعمار الصليبي الحاقد على مر التاريخ، لكن قد يغيب عن ذاكرة الكثير من المسلمين في العالم الإسلامي أفاعيل روسيا في حق أمّة الإسلام، حيث يجهل الكثيرون أنّها أبادت ملايين المسلمين عبر تاريخها الدّموي، واستغلّت ثرواتهم قرونا طويلة، ولا تزال تستغل خيرات وموارد النفط والغاز في تركستان الكبرى وبلاد القفقاس، وتمنع تصرف المسلمين في مواردهم الطبيعية في آسيا الوسطى دون تدخل موسكو، وإذا عدنا إلى تاريخ القضية الفلسطينية نجد أن أوّل من أعطى وعدا بمنح اليهود أرض فلسطين هم الروس غداة انتصار الثورة البلشفيّة1917م، ثمّ تنازلوا للإنجليز عن التمكين لليهود في فلسطين ، أضف إلى ذلك أنّ قرابة اثنين مليون روسي يعيشون في الكيان الصهيوني المحتل و يسخِرون خبرتهم العلمية والعسكرية في خدمة إسرائيل ،وها هي روسيا في عهد بوتين تعاود الكرة مجدداً بالهجوم على دول العالم الإسلامي بتدخلها عسكريا في سوريا لصالح مصالحها الجيواستراتيجية في المنطقة متحالفة مع إيران ونظام المجرم بشار الأسد.
وفي هذا المقال نسلط الضوء على أبرز وأهم المحطات في سجل العداء والممارسات القمعية والدموية التي سلطتها روسيا على العالم الإسلامي، ليتعرف القارئ على هذا العدوّ التاريخي المستمر في عداوته للمسلمين. والذي يعربد الآن في سوريا على مرأى ومسمع من النظام الدولي الذي يرعى الفوضى في العالم الإسلامي.فإلى التفاصيل :
روسيا و سايكس بيكو
في الوقت الذي كانت الدول الاستعمارية تحتل بلدان العالم العربي أواخر القرن التاسع عشر والعشرين، كانت روسيا القيصرية ثم الشيوعية بعدها تستولي على بلدان وسط أسيا والقوقاز المسلمة ومنطقة البحر الأسود والقرم، وفي الوقت الذي اتفقت فيه انجلترا وفرنسا على تقسيم قلب العالم الإسلامي في العراق والشام وبلاد جنوب الأناضول عشية الحرب العالمية الأولى ضد الدولة العثمانية سنة 1915، 1916م، كانت روسيا حليفة وشريكة وشاهدة على اتفاقية “سايكس بيكو”، التي عدلت عقب قيام الثورة البلشفية سنة 1917م، بعد اعتراض البلاشفة عليها ؛ إذ كانت روسيا القيصرية ستحصل بمقتضاها على إسطنبول والمضائق المائية في مرمرة والدرنديل والمنطقة الأرمنية في أسيا الصغرى والكردية في شمال العراق وأفغانستان بعد هزيمة العثمانيين، فضلاً عن حماية ورعاية المصالح الأرثوذكسية في كل من العراق والشام وفلسطين.
محنة مسلمي القرم في سيبريا !!
في أثناء الحرب العالمية الثانية ظهر بوضوح عداء السياسة الروسية تجاه رعاياها المسلمين، فلقد خافت روسيا من تتار القرم المسلمين ، وإمكانية موالاتهم للألمان فحشدت أكثر من مليون تتري في يوم واحد، ورحّلتهم إلى سيبريا وجمهوريات وسط أسيا المسلمة، وارتكبت الجيوش الروسية حينها مذابح بحق تتار مسلمي القرم أودت بحياة 350 ألفاً منهم ودفعت مليوناً و200 ألف إلى الفرار لتركيا بعدما رفع جيش روسيا شعار «من غير انتظار ولا عودة.. يجب محو التتار من هذه الأرض»،ولم تسمح بعودتهم إلا منذ ستينيات القرن العشرين ثم بعد سقوط الاتحاد السوفياتي في بداية التسعينيات من نفس القرن.
روسيا ودعم الصهيونية
المصالح الروسية في منطقة الشرق الأوسط تشكلت بفعل العوامل الجيواستراتيجية التي أثرت في السياسة الروسية في عهود القياصرة وكانت تطلعات الإمبراطورية الروسية نحو الجنوب دائماً في السياسة الخارجية القيصرية منذ عهد بطرس الأكبر (1682 – 1725)، وكاترين (1762 -1796)، وحتى عهد نيقولا الثاني (1894- 1917). ففي القرن التاسع عشر اندلعت حرب القرم ( 1854 – 1856)، وكان أحد أسبابها النزاع الروسي الفرنسي حول السيطرة على الأماكن المقدسة في فلسطين، إذ اعتبر القيصر الروسي نفسه حامياً للكنائس المسيحية الأرثوذكسية، في حين ادعى الإمبراطور نابليون الثالث الفرنسي أنه صاحب السيطرة على الأماكن المقدسة ذاتها لصالح الكنائس المسيحية اللاتينية. لكن بريطانيا وفرنسا تمكنتا في مطلع القرن العشرين من احتواء التهديد الروسي باتجاه الجنوب إلى الشرق الأوسط على نحو فعال.
وبالنظر إلى موقف الاتحاد السوفييتي من القضية الفلسطينية نجد أنه عام 1947ساند اليهود في تطلعهم لإنشاء دولة يهودية في فلسطين. ودعم السوفيت خطة التقسيم التي دعت إليها الأمم المتحدة والتي ترمي لإقامة دولة يهودية في فلسطين ، ولما أدرك الاتحاد السوفييتي أن انسحاب البريطانيين وشيك من فلسطين ، بدا له أن التقسيم أفضل خيار لتجنب خطة وصاية برعاية الأمم المتحدة كانت ستديرها دون شك القوات العسكرية الغربية. و لم يكتف الاتحاد السوفييتي بأن يكون ثالث دولة تعترف (بإسرائيل) اعترافاً قانونياً، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، فشجب بشدة دخول القوات العربية إلى فلسطين الذي تلا إعلان إنشاء (الدولة اليهودية). وبادر الاتحاد السوفييتي إلى إرسال الأسلحة (لإسرائيل) أثناء الحرب العربية – الإسرائيلية الأولى، مما كان له أهمية كبرى، وربما حاسمة، في استمرار بقاء الدولة الصهيونية الجديدة (حرب 1948). وقام الاتحاد السوفييتي في شهر كانون الأول 1953 بدور فعال في مساعدة (إسرائيل) على الوقوف في وجه المقاطعة الاقتصادية العربية، عندما أبرم مع (إسرائيل) اتفاقية تجارية لمبادلة النفط السوفييتي بالحمضيات الإسرائيلية. لكن موسكو ألغت هذه الاتفاقية إثر العدوان الثلاثي على مصر 1956م. وظلت السياسية الروسية تجاه القضية الفلسطينية هكذا تتراوح وتتجاذب حسب مصالحها الجيوسياسية وتنافسها مع غريمها التقليدي الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة إلا أن ميزان الترجيح في الأفعال كان دائما يميل لكفة إسرائيل .
الغزو السوفياتي لأفغانستان
الأطماع الروسية في أفغانستان قديمة، فقد احتلت روسيا في الفترة من 1743 – 1833 منحدرات آسيا الوسطى المطلة على الصين ومنغوليا والمناطق المجاورة للبحر الأسود وتركيا وإيران وبحر قزوين. وفي الفترة من 1880 – 1900 احتلت مناطق طشقند وسمرقند والصحراء المجاورة لهما.و احتلت ايضا بخارى. ثم تأتي محاولات احتلالها لأفغانستان عام 1979 ضمن هذا السياق إضافة إلى أوضاع الحرب البادرة التي تفرض مد النفوذ السوفياتي إلى مناطق النفط في الخليج العربي وشمالي أفريقيا والاقتراب أكثر من أوروبا بعد انحسارها في بولندا.
وكان من أبرز أهداف الاتحاد السوفياتي من غزو أفغانستان:
استغلال الموارد الطبيعية في أفغانستان.
1- الوصول للمياه الدافئة ومنابع النفط قبل الأميركيين.
2- احتواء الصين والإطاحة بها من جانب الغرب.
3- وأد أي حركات للتحرير يمكن أن تنشأ في آسيا الوسطى التابعة للاتحاد السوفياتي آنذاك.
4- دعم حكومة شيوعية أفغانية ضد تيار الإسلام السني في البلاد.
وفي عام 1988 – 1989حقق المجاهدون الأفغان انتصارات حاسمة على القوات السوفياتية أجبرتهم على الانسحاب في 15 فبراير/ شباط عام 1989، ويقدر عدد الجنود السوفيات الذين قتلوا خلال تلك الحرب ما بين 40 – 50 ألفا إضافة إلى عدد كبير من الجرحى. وتفكك الاتحاد السوفياتي بسبب ضعف الحالة الاقتصادية ،و تزايد الإنفاق اليومي على هذه الحرب الذي بلغ 40 مليون دولار.
جرائم روسيا في الشيشان
عداء روسيا ضد الشيشان له تاريخ طويل يعود لعهد روسيا القيصرية وفيما يلي أبرز محطات في تاريخ الصراع الروسي – الشيشاني:
– أعلن القوقازيون الجهاد ضد روسيا عام 1785م بقيادة الشيخ منصور أوشورم الذي تجاوب معه شعوب داغستان، والقبارطاي، والنوغاي، بالإضافة إلى الشيشان. الذي استطاع أن يلحق بالروس هزائم متكررة. حتى ارتقى شهيداً، في 13 أبريل 1794م، بعد تسع سنوات من الجهاد المتواصل. وباستشهاده انتهت المقاومة الإسلامية في شمالي القوقاز، لكن لتعود ثانية، وبشكل أقوى في الربع الأول من القرن التاسع عشر.
– في عام 1864م قام الروس بقتل 4000 شيشاني في منطقة “سالي” وانتفض الشيشانيون في الفترة ما بين (1865- 1890م)، وامتدت الانتفاضة مع الثورة البلشفية (1917م) كذلك، وقادها الحاج “أذن” ولمدة ثماني سنوات حتى أعلن (إمارة شمال القوقاز).
– في عام 1925م تم سحق الانتفاضة وأعلنت الحرب على الشيشانيين واعتقلت السلطات السوفيتية أنصار الشيخ واستمرت المحنة حتى بداية الحرب العالمية الثانية، ولجأ الأتباع مرة أخرى إلى الجبال ليعيدوا تنظيم أنفسهم من جديد.
– في (23 فبراير 1944م) قامت قوات ستالين بإبعاد قرابة مليون مسلم إلى وسط آسيا.حيث إقليم سيبريا التي تصل درجة الحرارة فيها إلى 50 تحت الصفر، بعد أن حُشروا في عربات قطارات البضائع دون طعام ولا ماء، وتحت تهديد السلاح، فمات 50% منهم. وعندما أذن لباقي الأحياء بالعودة عام 1956م في عهد خرتشوف، لم يرجع سوى 30% فقط ليجدوا الروس قد احتلوا كل شيء، وأغلقوا 800 مسجد، وأكثر من 400 مدرسة لتعليم الدين واللغة العربية.
– في التاسع من يونيو عام 1991م عقد المجلس الوطني الشيشاني جلسة أقر فيها قرار الاستقلال ودعا إلي الانفصال، لكن في 29 نوفمبر 1994م بدأت الحرب الشيشانية الأولى وذلك عقب عملية عسكرية فاشلة في (26 نوفمبر 1994م) إثر كمين نصبه الشيشانيون رتل من الدبابات الروسية وتم أسر 60 جنديًا روسيًا، أعلن بعدها مجلس الأمن القومي الروسي قراره بإرسال قوات إلى الشيشان وأطلق يلتسين يومها إنذاره الشهير والذي طالب فيه الشيشانيين بالاستسلام في ظرف يومين امتد إلى سنتين!!
– – تشير التقارير إلى أن عدد القتلى المدنيين من ضحايا حرب الشيشان الأولى بين 50000 – 100000, وأكثر من 200000 مصاب. أكثر من 500000 شخص هاجروا بسبب الحرب حيث أصبحت القرى والمدن على الحدود في دمار هائل.
– في 12 مايو 1997م انتهى الأمر بتوقيع اتفاقية معاهدة السلام مع روسيا ، لتمنح الاستقلال الفعلي للشيشان، ونتيجة لما ألحقه الروس بالشيشان من دمار هائل؛ انحسرت الحياة الاقتصادية في الشيشان، وانهارت البنية التحتية والصناعية بفعل حرب الإبادة التي تعرضوا لها.
في مارس 2002م وبعد شهر من تولي بوتين رئاسة الوزارة الروسية، بدأ الحرب على الشيشان، واتصفت منذ بدايتها بالإبادة والدموية ؛ حيث زاد عدد القوات من (24 ألف جندي) إلى (100 ألف جندي)، واستمر القصف الجوي عدة أسابيع حتى سوى كل شيء في شمال جروزني بالأرض، ثم استولى عليها. وانخرطت القوات الروسية في السرقة والابتزاز ، وإعادة جثث القتلى الشيشانيين في مقابل رسوم، حتى أنه كان يجب على المرأة أن تدفع حوالي (10 دولارات) لتفادي اغتصاب بناتها، كما يؤخذ الرجال من سن 15 حتى 65 إلى معسكرات الاعتقال أو يختفون. ووصل الخطاب الرسمي الروسي إلى فهم مغلوط، مؤداه أن الإرهاب والشيشان باتا أمرًا واحدًا؛ الأمر الذي انعكس على المجتمع الروسي، فصار يبغض الشيشان والعرق القوقازي كله.
النيوزويك تكشف جرائم الروس
– في عددها الصادر باللغة العربية وعلى ست صفحات كاملة كشفت مجلة النيوزويك الأمريكية الفظائع التي ارتكبها الجيش الروسي في الشيشان ، فتحت عنوان ” تحت أحذية العسكر ” جاء التقرير المرعب.. حيث تضمن التقرير صوراً مرعبة عن حجم الأهوال البشعة التي جري ارتكابها ضد المدنيين من النساء والأطفال والعجائز. وقد وثق فظائع الجيش الروسي ـ ـ وعمليات التطهير غالباً ما تكون مصحوبة بمختلف أنواع الابتزاز والنهب والضرب والإغتصاب.
– ويكشف التقرير عن أرقام مؤلمة بشأن حرب الشيشان حيث تراوحت تقديرات قتلى الحرب الأولى من الشيشانيين ما بين 80 إلى 100 ألف من عام 1994إلى 1996، ومنذ الحرب الثانية قتل مابين 20 إلى 40 ألفا معظمهم في قذف قنابل وهجمات مدفعية بلا تمييز ، وأدت عمليات التمشيط التي يقوم بها الجيش الروسي إلى اختفاء وإعدام بلا محاكمة لـ2000 .
– وينقل التقرير الخطير عن شاهدة عيان دأبت على توثيق ما يحدث بالصور قولها: “إن نسف الأشخاص سواء كانوا أحياءً أو أمواتاً هو آخر أسلوب أدخله الجيش الفيدرالي إلى المعركة واستخدم هذا الأسلوب بطريقة فعالة في قرية “مسكيار يورت” حيث ربط 21رجلاً وامرأة وطفلاً معاً ونسفوا وألقي بجثتهم في حفرة.
تدخل روسيا العسكري في سوريا
– مما لا شك فيه الآن أن روسيا دخلت في الصراع السوري عسكريا لصالح نظام الأسد ، والحقيقة أنه منذ اندلاع الثورة السورية كانت روسيا داعما أساسيا لنظام الأسد سواء من الناحية العسكرية أو المادية أو السياسية وذلك بتوفير الغطاء في مجلس الأمن لجرائم نظام بشار الأسد ، وهناك عدة اعتبارات ومصالح روسية جعلتها تتدخل عسكريا في الصراع السوري :
–
تهدف روسيا أن تتخذ من سوريا موطئ قدم لها في الشرق الأوسط وبذلك تضمن إطلالة بحرية على البحر المتوسط وحدود برية مشتركة مع كل من تركيا وإسرائيل ولبنان والعراق والأردن.
– دعم نظام الأسد يتوافق مع تطلعات بوتين لأن تصبح روسيا قوة عظمى مجدداً في المنطقة في مواجهة أمريكا وسقوط نظام الأسد يعني فقدان روسيا للقاعدة العسكرية الوحيدة خارج روسيا منذ فترة ما بعد الاتحاد السوفييتي.
– يتطلع بوتين لكسب مزيد من الشعبية وبالتالي ضمان فترة رئاسية ثالثة على غرار الشعبية التي اكتسبها إثر تدخله في أوكرانيا حيث بلغت نسبة شعبيته 80% وهي نسبة لم يصل إليها رئيس قبله، وهو يأمل تكرار هذا المكسب من خلال حربه في سوريا بدعوى محاربة مخاطر تنظيم الدولة الإسلامية(داعش) .
– ويمكننا هنا الاستشهاد بما قاله المحلل الروسي ديمتري أدامسكي في مقال له عبر مجلة الشؤون الخارجية الأمريكية (foreign affairs) ” أهداف موسكو التقليدية واضحة: بناء منطقة عازلة ضد الجهاديين على حدودها الجنوبية ، تصدير الأسلحة والطاقة النووية ، تقوية نفوذها وترسيخ مشروعها في الشرق الأوسط حيث المياه الدافئة ،التنافس مع الغرب – خصوصا في الآونة الأخيرة – لتوسيع نفوذها بين الطوائف المسيحية الإقليمية”.
– وفي مقالة لستيفان إم والت – أستاذ الشؤون الدولية، كلية كينيدي في جامعة هارفارد- في “فورين بوليسي”، يقول: (أهداف بوتين في سورية تتميز أيضا بالبساطة والواقعية، وتتماشى مع الموارد الروسية المحدودة، فهو يسعى لإبقاء نظام الأسد ككيان سياسي يوفر له ممرًا سهلًا لبسط النفوذ الروسي، ويضمن لروسيا حصة في أي تسوية سياسية ضمن البلاد في المستقبل، بمعنى أن بوتين لا يحاول السيطرة على سورية، ولا لإعادة العلويين إلى دفة السيطرة الكاملة على البلاد بأكملها، كما أنه لا يسعى لهزيمة الدولة الإسلامية، أو للقضاء على النفوذ الإيراني، وبالتأكيد، لا يلاحق بوتين حلم بناء الديمقراطية الواهي ضمن سورية ومن هذا المنطلق، فإن الانتشار المحدود للقوة الجوية الروسية وحفنة من “المتطوعين”، قد تكون إجراءات كافية لتحقيق الهدف الروسي بالحفاظ على الأسد ومنع هزيمته، خاصة إذا انتهجت الولايات المتحدة وغيرها من الدول نهجا أكثر واقعية ضمن الصراع السوري في نهاية المطاف).
– وفي ختام هذا المقال الموجز ، يتضح لنا مدى وحجم العداء العقدي والأيدلوجي والتاريخي ، والدوافع الجيو إستراتيجية التي تكمن وراء العداء المستمر لروسيا ضد العالم الإسلامي ، والممتد منذ روسيا القيصرية حتى الآن ، وبهذا نكون قد رسمنا صورة واضحة المعالم لطبيعة هذا الصراع ودوافعه وأبرز محطاته التاريخية لفهم مجريات الأحداث التي نشهد أحدث فصولها الدامية الآن في سوريا.